الاحكام - ابن حزم - ج ٨ - الصفحة ١٠٧٧
كان بمعنى الرأي الذي لم يقطعا على صحته، وكذا صدر الطحاوي في اختلاف العلماء بأن أبا حنيفة قال: علمنا هذا رأي، فمن أتانا بخير منه أخذناه، أو نحو هذا القول. والمتحققون بالقياس لا يقرون بهذا ولا يرضوه، ولا يقولون به، وهكذا جميع أهل عصرها، وبالله تعالى التوفيق.
ولا معنى لفشو القول بالقياس وغلبته على أكثر الناس، فهذا برهان بطلانه وفساده، وقد أنذر رسول الله صلى الله عليه وسلم بغلبة الباطل وظهوره، وخفاء الحق ودثوره.
كما حدثنا عبد الله بن يوسف، ثنا أحمد بن فتح، ثنا عبد الوهاب بن عيسى، حدثنا أحمد بن محمد الفقيه الأشقر، ثنا أحمد بن علي، ثنا مسلم بن الحجاج، ثنا محمد بن عياد، وابن أبي عمر جميعا، عن مروان الفزاري، عن يزيد - يعني بن كيسان - عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بدأ الاسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء.
وقال مسلم: ثنا محمد بن رافع، والفضل بن سهيل الأعرج قال: ثنا شبابة بن سوار، ثنا عاصم - هو ابن محمد العمري - عن أبيه، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
إن الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، وهو يأزر بين المسجدين تأرز الحية إلى حجرها.
حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور، ثنا ابن أبي دليم، ووهب بن مسرة، حدثنا ابن وضاح، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا حفص عن غياث، عن الأعمش، عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء، قيل:
ومن الغرباء؟ قال: نزاع القبائل.
قال أبو محمد: وأما الاجماع فقد بيناه على ترك القياس من وجوه كثيرة، وهي إجماع الأمة كلها على وجوب الاخذ بالقرآن، وبما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما أجمعت الأمة كلها على وجوبه أو تحريمه من الشرائع، وأجمعت على أنه ليس لأحد أن يحدث شريعة من غير نص أو إجماع، وأجمعت على تصديق قول الله تعالى: * (ما فرطنا في الكتاب من شئ) * وعلى قوله تعالى: * (اليوم أكملت لكم دينكم) *
(١٠٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1072 1073 1074 1075 1076 1077 1078 1079 1080 1081 1082 ... » »»
الفهرست