الاحكام - ابن حزم - ج ٨ - الصفحة ١١٥٥
أصلهم في وجوب شكر المنعم فإن قالوا أخذ القصاص منه إحسان إليه وشكر له قلنا إن كان هذا المحسن ذميا فما نراه عجل له قتله قصاصا إلا النار فأين الاحسان والشكر فإن قالوا قتل الكافر إحسانا إليه كابروا العيان لان التعجيل إلى النار وانقطاع الرجاء من الايمان ليس إحسانا بل هو غاية الإساءة قال أبو محمد فصح بكل ما ذكرنا أنه لا علة لشئ من أوامر الله تعالى ولا لشئ من أفعاله كلها أولها عن آخرها ولا يجوز ان يشبه حكم بحكم آخر لم يأذن الله تعالى في الجمع بينهما.
وهذه المسألة أصل خطأ القوم وبعدهم عن الحقائق وهي بدعة محدثة حدثت في القرن الرابع لم ينطق بها قط صحابي ولا تابعي بوجه من الوجوه وهي مسألة ألقاها الشيطان بين المسلمين نعوذ بالله من الخذلان ونسأله ان يثبتنا على ما هدانا إليه من اتباع كلامه وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم وإجماع أولي الأمر منا والرد عند التنازع إلى كلامه تعالى وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم ونسأله لإخواننا ان يتوب عليهم من بدعة القياس والتقليد والاستدراك على ربهم تعالى وعلى نبيهم صلى الله عليه وسلم ما لم يأت عنهما ولا قالاه وسؤالهم لم فعل الله تعالى كذا وكذا؟ وأن يفئ بهم إلى ما أمروا به من طريق الحقائق آمين يا رب العالمين وصلى الله على محمد وحسبنا الله ونعم الوكيل.
{الباب الموفى أربعين} وهو باب الكلام في الاجتهاد ما هو؟ وبيانه ومن هو معذور باجتهاده ومن ليس معذورا به ومن يقطع على أنه أخطأ عند الله تعالى فيما أداه إليه اجتهاده ومن لا يقطع أنه مخطئ عند الله عز وجل وان خالفناه.
قال أبو محمد على بن أحمد رحمه الله لفظة الاجتهاد مما يجب معرفة تفسيرها لان أكثر المتكلمين في الاجتهاد وحكمه لا يعلمون معناه وبالله تعالى التوفيق ان حقيقة بناء لفظة الاجتهاد أنه افتعال من الجهد وحقيقة معناها انه استنفاد الجهد في طلب الشئ المرغوب ادراكه حيث يرجى وجوده فيه أو
(١١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1150 1151 1152 1153 1154 1155 1156 1157 1158 1159 1160 ... » »»
الفهرست