الاحكام - ابن حزم - ج ٨ - الصفحة ١١٥٢
مصلحة أبنائهم وكل لا ذنب له؟ وهل لو فعل ذلك فاعل بيننا لغير نص من الله تعالى أما كان يكون أظلم الظالمين وأسفه السفهاء؟.
وما الذي جعل ان يخص أجسامنا بالأنفس الناطقة دون أجسام الأسد أو الحمير أو الخيل فإن قالوا في سبي أولادهم صلاح لهم لأنهم يصيرون مسلمين قيل لهم فأبيحوا سبي أولاد الذمة ليصيروا مسلمين فذلك أصلح لهم فإن قالوا هم سكان بيننا قيل لهم فسكنوا أولاد أهل الحرب بينكم ولا تتملكوهم عبيدا محكوما فيهم وإلا فقد تركتم القياس ولم تجروا العلل فصح بكل ما قلنا ان الله تعالى يفعل ما شاء لا لعلة أصلا.
ولا خلاف عن كل ذي عقل أنه لو خلقنا في الجنة وعرفنا قدر النعمة في ذلك وضاعف عقولنا في الزجاجة وإحساسنا في قبول اللذة كما فعل بالملائكة لكان أصلح لنا إلا ان يقولوا إنه تعالى غير قادر على غير ما فعل فيخرجون بذلك عن الاسلام.
وعلى كل حال فقد سقطت العلل على كل وجه وبكل قول فقد رأيناه تعالى خلق قوما في عصر نبيه عليه السلام فشاهدوا آياته فآمنوا وخلق آخرين في أقاصي بلاد الزنج وأقاصي بلاد الروم حيث لم يسمعوا قط ذكر محمد صلى الله عليه وسلم. متبعا بأقبح الذكر وأسوأ الوصف وكل هذا لا علة له إلا أنه شاء ذلك لا إله إلا هو وبه تعالى التوفيق.
قال أبو محمد ثم حداهم هذا القول الفاسد إلى أن قال بعضهم بتضمين الصناع وقالوا في ذلك صلاح للمستصنعين.
قال أبو محمد وليت شعري ما الذي جعل المستصنعين أولى بالنظر لهم من الصناع إلا إن كان ذلك اتباعا لمصلحة الكثرة وعلى قول الفساق الذين يقولون قتل الثلث في صلاح الثلثين صلاح فهذه أقوال الشيطان الرجيم وأتباعه وما جعل الله تعالى قط جميع عباده أولى بالنظر لهم من مسلم واحد يضيع من أجلهم ولو شاء الله تعالى أن يأمرنا بقتل الأمة كلها في مصلحة واحد لكان ذلك حكمة وقد امر تعالى بقتل كل من خالف محمدا صلى الله عليه وسلم وهو رجل واحد أو إصغاره إن كان كتابيا بالجزية ومخالفوه كثير فخصه بهذه المرتبة دونهم
(١١٥٢)
مفاتيح البحث: الظلم (1)، القتل (2)، الحرب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1147 1148 1149 1150 1151 1152 1153 1154 1155 1156 1157 ... » »»
الفهرست