الاحكام - ابن حزم - ج ٨ - الصفحة ١١٥٣
كما شاء لا معقب لحكمه وقد أمرنا تعالى بأخذ الجزية من أهل التثليث القائلين بان الآلهة ثلاثة وهم النصارى وحرم علينا قتلهم وحرم علينا أموالهم وأجراهم في المحاكمة مجرانا وأمرنا أن نقرهم على كفرهم وهم مع ذلك يستحلون قتلنا وحرم علينا استبقاء الثنوية الذين لا يقولون إن الآلهة اثنان قتلنا وقتالنا وحرم علينا الكفر من التثنية والثنوية لا يستحلون أذانا ولا قتلنا ولا ظلمنا في أموالنا ولا أنفسنا فألزمنا تعالى قتلهم حيث ظفرنا بهم إن لم سيسلموا وأمرنا ان لا نقبل منهم شيئا غير الاسلام أو القتل.
فإن قال مجنون لان المثلثة أصل دينهم حق قلنا له كذبت ما كان التثليث قط حقا وما هو إلا إفك مفترى كالتثنية ولا فرق إلا أن النص هو المفرق بين النصارى واليهود والمجوس وبين سائر فرق الكفر فقط ولا مزيد.
ومن قال إن قبض أرواح المشركين مصلحة لهم لحق بمن لا يكلم وكفى بالمصير إلى هذا القول ذلا وانقطاعا.
فإن قال لو أبقاه لزاد كفرا قيل له أيما كان أصلح له؟ أن يقبض روحه وهو صغير لم يكفر بعد؟ أو وهو في أول كفره قبل أن يزداد ما ازداد؟
أو تأخيره إلى الوقت الذي أخره تعالى إليه؟. وفى هذا حسم لشعبهم وترك لقولهم بالمصالح جملة وقد أخبر تعالى فقال * (انما نملي لهم ليزدادوا اثما) * فأكذب قولهم في المصالح جملة وأخبر انه قصد بابقائهم ضد المصلحة لهم وهذا نص قولنا انه تعالى يفعل ما يشاء لا لعلة أصلا.
وقال بعض أصحاب العلل ان الله تعالى انما حرم الخنزير لأنه فاسد الغذاء قال أبو محمد فيقال لهذا البارد الجاهل المفترى أيما أفسد غذاء الخنزير أم التيس الهرم فلا بد له ان يقول أن التيس الهرم أفسد غذاء وقد أحله الله تعالى وحرم الخنزير وقد أباح تعالى الدجاجة وهي آكل للقذر من الخنزير وهذا كله فاسد من القول وتكلف بارد وتنطع محرم وبالله تعالى التوفيق.
وموه بعضهم بأن قال قد اتفقتم معنا على وجوب شكر المنعم وعلى وجوب شكر الباري عز وجل وهذا موافقة منكم لنا على أن العقل يوجب به الشرع قال أبو محمد وهذا كذب منهم وما وافقناهم قط على إن شكر الله عز وجل
(١١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1148 1149 1150 1151 1152 1153 1154 1155 1156 1157 1158 ... » »»
الفهرست