الاحكام - ابن حزم - ج ٨ - الصفحة ١١٦٤
زيد في هذه الآية تحريم الجمع بين المرأة وعمتها، وخالتها. ومثل هذا كثير، فهذا أيضا حكمه الثبات على ما بلغه وهو مأجور مرتين ما لم يقل عليه دليل بالزيادة، فإن كان الدليل صحيحا عنده فخالفه معتقدا خلاف النص فهو كافر.
وفصل خامس: وهو أن يتعلق بآية فيصرفها عن وجهها. كمن ادعى في قول الله عز وجل: * (واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان) * وقوله تعالى: * (وأشهدوا ذوي عدل منكم) * أنهما مخالفان لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من الحكم باليمين مع الشاهد وموجبان ألا يحكم بأقل من شاهدين أو شاهد وامرأتين.
قال أبو محمد: وهذا تمويه تعمدوه أو جاز عليهم بغفلة. أو صرف للآيتين عن وجههما وتمويه بوضعهما في غير موضعهما، لأنه ليس في الآيتين المذكورتين أمر بالحكم بالشاهدين. أو الشاهد والمرأتين أصلا. ولا دليل على ذلك بوجه من الوجوه. وإنما فيهما الامر باستشهاد الشاهدين أو الشاهد والمرأتين المداينة والطلاق والرحمة فقط مع ما فيهما من قوله تعالى: * (وأشهدوا إذا تبايعتم) * دون ذكر عدد إشهاد واحد يقع عليه اسم إشهاد وقوعا صحيحا في اللغة بلا شك فهو جائز بنص القرآن.
وكمن تعلق في إيجاب الزكاة بقوله تعالى: * (وآتوا حقه يوم حصاده) * وهذا خطأ لان إيتاء حق الزكاة فيما أنبتت الأرض لا يمكن يوم الحصاد، وهي أيضا مكية والزكاة مدنية. فصح أن من احتج بهذه الآية في أحكام الزكاة فصارف للآية عن وجهها، فمن جهل هذه النكتة واحتج بهاتين الآيتين فيما ذكرنا فهو مخطئ، لأنه لم يأمره الله تعالى قط بما ذهب إليه، لكنه بجهله مأجور مرة معذور، فإن وقف على ما ذكرنا فتمادى على قوله فهو فاسق أو كافر، على ما قسمنا قبل: مخطئ عند الله تعالى بيقين لما ذكرنا قبل.
قال أبو محمد: وهذه الفصول كلها داخلة على من تعلق بالأحاديث كما ذكرنا قبل سواء بسواء، كمن تعلق بحديث منسوخ أو مخصوص، أو مخصوص منه أو
(١١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1159 1160 1161 1162 1163 1164 1165 1166 1167 1168 1169 ... » »»
الفهرست