الاحكام - ابن حزم - ج ٨ - الصفحة ١٠٦٢
وقال تعالى: * (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) *.
قال أبو محمد: فصح بالنص أن كل ما لم ينص عليه، فهو شئ لم يأذن به الله تعالى، وهذه صفة القياس، وهذا حرام.
وقال تعالى: * (وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله) *.
قال أبو محمد: فكل ما ليس في القرآن والسنة منصوصا باسمه، واجبا مأمورا به أو منهيا عنه، فمن أوجبه أو جرمه، أو خالف لما جاء به النص، فهو من عند غير الله تعالى، والقياس غير منصوص على الامر به فيهما، فهو من عند غير الله تعالى، وما كان من عند غير الله تعالى فهو باطل.
وقال تعالى: * (ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه) * وقد علمنا ضرورة أن الله تعالى إذا حرم بالنص شيئا فحرم إنسان شيئا غير ذلك، قياسا على ما حرم الله تعالى، أو أحل بعض ما حرم الله قياسا، أو أوجب غير ما أوجب الله تعالى قياسا، أو أسقط بعض ما أوجب الله تعالى قياسا، فقد تعدى حدود الله تعالى، فهو ظالم بشهادة الله تعالى عليه بذلك.
وقد قال تعالى: * (فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم) *.
قال أبو محمد: وهذه كالتي قبلها سواء بسواء.
وقال تعالى: (قل أأنتم أعلم أم الله) *.
قال أبو محمد: ومن استدرك برأيه وقياسه على ربه تعالى شيئا من الحرام والواجب لم يأت بتحريمها ولا إيجابها نص فقد دخل تحت هذه العظيمة المذكورة في هذه الآية، ونحمد الله تعالى على توفيقه، لا إله إلا هو.
وقال تعالى يصف كلامه: * (تبيانا لكل شئ) * وقال تعالى: * (فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه) * وقال تعالى: * (لتبين للناس ما نزل إليهم) *.
قال أبو محمد: فنص الله تعالى على أنه لم يكل بيان الشريعة إلى أحد من الناس، ولا إلى رأي ولا إلى قياس، لكن إلى نص القرآن، وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم فقط، وما عداهما فضلال وباطل ومحال.
وقال تعالى: * (أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا
(١٠٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1057 1058 1059 1060 1061 1062 1063 1064 1065 1066 1067 ... » »»
الفهرست