تهذيب الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ، للسبحاني - ج ٣ - الصفحة ١٧٢
ثم إنه ينبغي قبل البحث عن لزوم تقليد الفاضل أو جوازه، البحث عن مناط السيرة العقلائية حتى نخوض بعده في أدلة الطرفين.
القول في مناط السيرة العقلائية والذي يمكن أن يكون مناطا لرجوعهم أحد أمور ثلاث.
الأول: أن يكون ذلك لأجل انسداد باب العلم في الموارد التي يري الجاهل نفسه ملزما لتحصيل الواقع لما فيه من مصالح ومفاسد يجب استيفائها أو الاحتراز عنها ولا يمكن له العمل بالاحتياط، لكونه مستلزما للاختلال أو العسر والحرج، فيحكم عقله بالرجوع إلى أهل الخبرة وعلماء الفن لكونه أقرب الطرق.
وفيه بطلان مقدمات الانسداد في أكثر الموارد، لعدم استلزام الاحتياط الاختلال والعسر في موارد كثيرة يرجع الجاهل إلى أهل الخبرة وعلى فرض استلزامه، فلازمه التبعيض في الاحتياط لا العمل بقول أهل الخبرة كما أوضحناه في محله.
الثاني: ان رؤس كل فرقة ونحلة قد اجتمعوا، فرأوا ان مصلحة مللهم ونحلهم حفظا لرغد عيشهم، وتسهيلا لأمرهم، ان يرجع جاهل كل مورد، إلى عالمه فوصل هذا من السلف إلي الخلف حتى دار بينهم أجيالا وقرونا وصار من الأمور الارتكازية، لكنه بمراحل من الواقع بل مقطوع خلافه، لان تصادف القوانين البشرية من باب الاتفاق بعيد بل ممتنع عادة فالأمم الغابرة، المتبدد شملهم المتفرق جمعهم، المفقود عندهم عامل الارتباط والاجتماع، كيف اجتمعوا ورأوا ان مصالح الأمم ذلك، مع تفرقهم في اصقاع مختلفة وامكنة متباعدة.
الثالث: أن يكون ذلك لأجل الغاء احتمال الخلاف، والغلط، في عمل أهل الصنائع والفنون، وما يلقيه إليهم العلماء وأصحاب الآراء في المسائل النظرية، ووجه ذلك الالغاء، هو ندرة المخالفة، وقلتها، بحيث لا يعتنى بها العقلاء، بل يعملون به غافلا عن احتمال المخالفة، بحيث لا يختلج في أذهانهم، الريب والشك وان أوجدنا عندهم وسائل التشكيك ربما ينقدح في قلوبهم، فهو عندهم علم عرفي يوجب،
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»
الفهرست