تهذيب الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ، للسبحاني - ج ٣ - الصفحة ١٧٤
لو قلنا بجعل المماثل في مفاد الامارات.
وفيه أولا: انه ان أراد من عدم خطائهما، عدم تقصيرهما في تحصيل الحكم الشرعي، فمسلم لكن لا يجديه، وان أراد منه عدم خطائهما في نفس الحكم الشرعي، فواضح الخطاء، لان واحدا منهما مخالف للواقع، فإذا اتسع نطاق الخلاف، ووقفنا علي اختلافهما في موارد كثيرة من المسائل، لا يصح الرجوع إلى كل واحد حتى فيما اتفقا عليه من الفتاوى للاعتداد باحتمال الخطاء (ح) وانقداح الشك والريب في عامة ما افتى به ولا يتحقق بناء العقلاء علي الغاء الخلاف واحتمال الخطاء عندئذ فلا يكون ذلك الفتيا مع ذلك معذرا.
وثانيا: انه لو سلمنا ان غرض العقلاء تحصيل الحجة والعذر لا الإصابة بالواقع، لكنهما يتوقفان على الغاء احتمال الخطاء في الاجتهاد واستنباط الأحكام الشرعية الواقعية، حتى يجعل مع هذا الالغاء في عداد سائر الأمارات العقلائية في تحصيل الحجة والعذر وهو مع هذا الاختلاف الفاحش في الفتاوى غير ممكن. ولو كان الخطاء في الاجتهاد مستندا إلى خطأ الامارة، فما هو المعذور انما هو المجتهد لا المقلد، لان مبنى علمه انما هو فتواه لا الامارة التي تبين خطاها، ولا يكون فتواه معذرا له الا إذا وقع في عداد سائر الأمارات العقلائية، بان يكون قليل الخطاء، كثير الإصابة عندهم، وكيف يكون كذلك مع تخطئة كل مجتهد، مخالفه وانه مخطئ غير مقصر.
اللهم: الا ان يقال ما أوضحناه سابقا من أن عدم ردع الشارع هذا البناء من المتشرعة، مع علمه بأن الأمة سوف ترجع إلى الفقهاء الذين يقوم الاختلاف والتشاجر بينهم علي ساقيه دليل على امضائه وارتضائه، لكن جعل ذلك بناء عقلائيا وجعل العمل به كالعمل بسائر الامارات المعتبرة عندهم لا يخلو عن غموض، الا ان يقال إن عمل المتشرعة بالفتاوى من باب الطريقية والأمارية مع عدم كونها حائزا لشرائطها لكن سكوتها وعدم ردعها عن هذه السنة العملية كاشف عن رضاه وملازم عن جعل الشارع إياها امارة شرعية مجعولة، فتأمل جيدا.
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»
الفهرست