تهذيب الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ، للسبحاني - ج ٣ - الصفحة ٢٠٤
صارت تدوين الفتاوى بنقل متون الروايات بحذف اسنادها دارجا من غير تجاوز عن حدود ما وردت فيه الروايات إلى أن جاء دور التكامل والاستدلال، والتفريع والاستنتاج، فتوسع نطاق الفقه والاجتهاد منذ زمن الشيخ إلى عصرنا الحاضر.
كل ذلك يرشدنا إلى عدم جرى التعارف على الاخذ من الميت ابتداءا وإن كان البقاء على الرأي الذي اخذه عن الحي بعد موته دارجا لقضاء ارتكازهم على عدم الفرق بين الحي والميت في الباب ولم يرد عنهم ما يوجب ردعه والنهى عنه لو لم نقل انه ورد عنهم ما يكشف عن صحتها من الاطلاقات التي عرفت حالها.
فصارت النتيجة في هذا الفصل، انه لو كان الأساس لجواز البقاء على رأى الفقيه بعد موته، هو بناء العقلاء فلابد من التفصيل بينما إذا اخذ عنه الرأي في حياته، وبين ما لم يأخذه. واما الاخذ عنه ابتداءا بعد فوته، بالرجوع إلى رسائله العملية أو الاعتماد على نقل الثقات ففي غاية الاشكال لعدم الدليل عليه من السيرة، بعد كون الأصل الأولى هو عدم الحجية وعدم النفوذ.
واما الاستدلال بالكتاب والسنة، فقد عرفت عدم دلالتهما علي تأسيس حكم في المقام، بل كلها ارشاد إلى الارتكاز فلابد من ملاحظة المرشد إليه، كما أوضحنا حاله عند البحث عن حجية رأى المفضول فراجع.
هل التخيير بدئي أو استمراري على القول بتخيير العامي في تقليد أحد المجتهدين المتساويين، فهل تخييره هذا بدئي أو استمراري، فلو قلد أحدهما فهل يجوز له العدول منه إلى الآخر أو لا يجوز، يظهر من تقرير بحث شيخنا العلامة أعلى الله مقامه ان ههنا صورا ثلاثة:
الأولى: إذا عمل بفتوى من رجع إليه، في واقعة شخصية ثم أراد العدول في نفس تلك الواقعة إلى الاخر، كما لو صلى صلاة الظهر بلا سورة، فأراد تكرير نفس هذه الصلاة معها جريا على رأى الآخر، فحكم بعدم الجواز في هذه الصورة مطلقا قائلا بأنه لا مجال للعدول بعد العمل بالواجب المخير لعدم امكان تكرر صرف الوجود
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»
الفهرست