تهذيب الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ، للسبحاني - ج ٣ - الصفحة ٢٠١
الجزم وبالجملة، مناط عمل العامي له كونه كاشفا عن الحكم الواقعي، وكون صاحبه عالما باحكام الله الواقعية، واما استتباعها لحكم ظاهري موافق لمؤدى الامارة، مما لا ينقدح في أذهانهم، ومعه يكون محصلا للجزم.
جوابنا عن الشبهة ان الحاجة إلي الاستصحاب في الحكم بجواز البقاء، انما هو فيما إذا كان فتوى الميت مخالفا للحي الذي يفتى بجواز البقاء إذ لو كانا متوافقي الفتوى، وكان عامة فتاواه موافقا لرأى المجتهد الحي، لكان له ارجاع العامي إلى الميت من دون حاجة إلى الاستصحاب لقيام الحجة عنده على صحة هذه الفتاوى وليست الغاية الا الوصول إلي هذه الأحكام، من دون دخالة التقليد، والاخذ بالرأي وانما الحاجة إليها انما هي فيما إذا كانا متخالفي الفتوى، (فح) لو فرضنا ان المكلف أدرك مجتهدين متساويين في العلم، مختلفين في الفتوى، فقد تسالم الأصحاب على كونه مخيرا في الاخذ بواحد منهما لدليل شرعي دال علي التخيير الشرعي واصل إليهم وان لم يصل إلينا، أو لأجل السيرة المستمرة إلى زمن الأئمة (عليهم السلام) الكاشفة عن رضائهم وارتضائهم ولولا الدليل أو السيرة الكاشفة كان مقتضى القاعدة هو التساقط، والعمل بالاحتياط كما أوضحناه، مع أنهم تسالموا على التخيير، فإذا مات واحد منهما، طرء الشك في بقاء التخيير الشرعي المتقدم أو ارتفاعه بفوته والأصل بقائه، ولازم ذلك جواز البقاء للمكلف الذي أدرك حياة المجتهدين بالغا وعاقلا، بحيث توجه إليه الخطاب الشرعي بالتخيير، واما إذا لم يدرك حياتهما فلا، لعدم الحالة السابقة، وهذا ما يعبر عنه في كلام الأصحاب بالتقليد الابتدائي للميت.
ولا ينافي ذلك ما حررناه في دفع الاشكال الأول من أن الحكم الثابت للعنوان لا يختص بحال الموجودين وقت الخطاب، بل يعم كل من صدق عليه العنوان ولو بعد مضى قرن، - وجه عدم المنافاة - فان ذلك انما هو في ثبوت الحكم على العنوان، أعني المكلف أو الناس ولكنه لم يدل دليل على ثبوت التخيير الشرعي على عنوان المكلف على هذا
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»
الفهرست