تهذيب الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ، للسبحاني - ج ٣ - الصفحة ٢١٢
لا يوجب حكومة الأصل الجاري في ناحية السبب على الجاري في المسبب وقد أوضحنا حاله في خاتمة الاستصحاب، ومجمل ما قلناه هناك: انه لا تعارض بين السببي والمسببي لاختلاف موضوعهما وانهما فردان عرضيان لقوله (ع) لا تنقض اليقين بالشك ومعه لا وجه لحكومة أحدهما على الآخر، نعم الأصل الجاري في ناحية المسبب ينقح موضوع الدليل الاجتهادي فالحاكم انما هو الدليل الاجتهادي الذي نقح موضوعه الأصل السببي، دون الأصل السببي، مثلا إذا غسل الثوب النجس بماء مشكوك الكرية وضم ما هو أمر وجداني بما هو مفاد الاستصحاب يصير المحصل: هذا الثوب النجس قد غسل بماء محكوم بالكرية شرعا ويصير هذا المحصل صغرى لكبري شرعية وهو ان كل متنجس قد غسل بماء الكر فهو طاهر، وهذه الكبرى الشرعية حاكمة على الأصل الجاري في ناحية المسبب أعني أصالة بقاء النجاسة في الثوب.
والحاصل: ان مفاد الأصل المسببي هو ان هذا الثوب المشكوك طهارته و نجاسته، محكوم بالنجاسة ولسان الدليل الاجتهادي حاكم على هذا الأصل حسب ما قرر في محله، وتوهم كفاية الأصل السببي في المقام من دون احتياج إلى الدليل الاجتهادي، بتقريب ان معنى التعبد ببقاء الكرية شرعا هو ترتيب آثارها الشرعية التي منها طهارة الثوب مدفوع: بان مقتضى الاستصحاب انما هو عدم جواز نقض اليقين بالشك، أعني الحكم ببقاء الكربة فقط واما ترتيب الآثار فإنما هو بالدليل الاجتهادي دون نفس الاستصحاب، واما ما يدور في الألسن، من أن مفاد الاستصحاب في الاحكام انما هو ابقائها واما في الموضوعات فإنما هو ترتيب آثارها، مما لا سند له، بل مقتضى الاستصحاب في كلا الموردين أمر واحد وهو الحكم ببقاء ما تعلق به اليقين، موضوعا كان أو حكما، واما ترتيب الأثر بعد احراز بقاء الموضوع بالأصل فإنما هو على عاتق الدليل الاجتهادي، والشاهد عليه انما هو اتحاد دليل الاستصحاب في الموردين فكما ان معنى الاستصحاب في الاحكام انما هو بقاء ذواتها، فكذلك في الموضوعات نعم لو لم يكن الموضوع المستصحب مصداقا للكبرى الشرعية الاجتهادية، لما صح استصحابه، ولا التعبد ببقائه.
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»
الفهرست