تهذيب الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ، للسبحاني - ج ٣ - الصفحة ١٧٠
على أن كل واحد اعتمد على رواية غافلا عما يرويه الآخر، بعيد جدا، مع كونهما معاصرين مجتمعين في النظر في حقهما:
منها: الروايات العلاجية التي أوضحها دلالة على ما نرتأيه، أعني ما يدل على عرض الروايات على الكتاب والسنة واخبار العامة فإنه من أظهر مصاديق الاجتهاد.
منها ما دل على حرمة الفتوى بغير علم فيدل على جوازه معه، وليس الفتوى الا الاجتهاد واستفراغ البال في فهم الاحكام ونشرها بين الناس.
منها: ما كتبه الامام أمير المؤمنين عليه السلام إلى قثم بن عباس حين ما ولاه:
واجلس لهم العصرين فافت المستفتى وعلم الجاهل وذاكر العالم، فهذه نماذج مما وردت ووقفنا عليه، كلها تدل بلسان واحد، على وجود الاجتهاد في تلك الاعصار، وان أمر فضلا الرواة لم يكن يوم ذاك منحصرا بنقل الرواية من دون امعان واجتهاد.
واما ما يدل على ارجاع الأئمة شيعتهم على فقهاء اعصارهم فروايات كثيرة:
منها: المقبولة المتقدمة: فإنه يظهر من ملاحظة صدرها ان اختلاف المترافعين في الدين والميراث كان بالجهل بالحكم الشرعي، فيدل حجية قوله في القضاء في الشبهات الحكمية علي حجية فتواه للتلازم الواضح بين الامرين. ومثله مشهورة أبى خديجة حسب ما قررناه سابقا.
منها: ما يدل على مفروغية لزوم الرجوع إلى فقهاء البلدان وعلماء الأمصار غير أن الراوي كان بصدد تشخيصه، وتعيين الامام إياه مثل ما عن علي بن المسيب قال قلت للرضا: شقتي بعيدة، ولست أصل لك في كل وقت فممن آخذ معالم ديني قال من زكريا بن آدم القمي المأمون علي الدين والدنيا قال علي بن المسيب فلما انصرفت قدمنا على زكريا بن آدم فسئلته عما احتجت إليه، وما رواه الكشي باسناده عن شعيب العقرقوفي قال قلت: لأبي عبد الله: ربما احتجنا ان نسئل عن الشئ فممن نسئل قال عليك بالأسدي يعنى أبا بصير ونظيره قوله لابن أبي يعفور بعد السؤال عمن يرجع إليه إذا احتاج أو سئل عن مسألة: فما يمنعك عن الثقفي يعنى محمد بن مسلم.
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»
الفهرست