تهذيب الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ، للسبحاني - ج ٣ - الصفحة ١٧٣
الطمأنينة، وهذا (الغاء احتمال الخلاف لندرة المخالفة للواقع) هو الأساس لأكثر السير الدارجة عندهم من العمل بالامارات واصل الصحة، وقاعدة اليد، وهذا الوجه أقرب الوجوه.
ويرد عليه: ان دعوى الغاء احتمال الخطاء فيما نحن فيه غريب جدا مع ما نشاهده ويشاهد العقلاء كثرة الاختلاف بين الفقهاء في المسائل الفرعية، بل الاختلاف الموجود في كتب فقيه واحد، ومع ذلك كيف يمكن أن يكون هذا الالغاء لأجل ندرة المخالفة للواقع، اللهم الا ان يقال إن رجوع العقلاء إلي أصحاب الفتيا مبنى على غفلتهم عن هذا المعنى، وتخيلهم ان فن الفقه كسائر الفنون يقل فيه الخطاء، أو على وجود دليل شرعي، وصل من السلف إلى الخلف و (ح) يصير الرجوع أمرا تعبديا لا عقلائيا.
فان قلت: ان أخطاء الفقهاء وإن كانت كثيرة في حد نفسه، بحيث لو جمعت من أول الفقه إلى آخره، أمكن تدوين فقه غير صحيح، الا ان أخطاء كل واحد منهم قليلة بالنسبة إلى آرائه المطابقة للواقع، فلو لاحظت عامة فتواه، وضممت الموارد، بعضها إلى بعض، ترى الانسان، قلة خطأه بالنسبة إلى ما أصاب.
قلت: هذا غير صحيح إذ نرى بالوجدان كثرة اختلافهم في باب واحد من أبواب الفقه فلا محالة يكون الآراء جميعا أو غير واحد منهما مخالفا للواقع وكثرة الاختلاف دليل علي كثرة الخطاء.
وربما يقال: ما هذا محصله: ان المطلوب للعقلاء في باب الاحتجاجات، بين الموالى والعبيد، انما هو قيام الحجة وسقوط التكليف والعقاب بأي وجه اتفق، والرجوع إلى الفقهاء، موجب لذلك، لانهم مع اختلافهم في الرأي مشتركون في عدم الخطاء في الاجتهاد، ولا ينافي ذلك، الاختلاف في الرأي لامكان عثور أحدهما على حجة في غير مظانها أو على أصل من الأصول المعتمدة ولم يعثر الآخر عليهما مع بذله الجهد، فلا يكون واحد منهما مخطئا في اجتهاده، بل له ولغيره العمل برأيه ورجوع العقلاء إليهم لأجل قيام الحجة والعذر لهم لا لأجل أصابتهم الواقع، وأوضح من ذلك
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست