تهذيب الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ، للسبحاني - ج ٣ - الصفحة ١٦٧
الجواب عن الشبهة قلت: ان ذلك أشبه شئ بالشبهة ويمكن الجواب عنه بوجهين:
الأول: ان الاجتهاد بالمعنى الوسيع واعمال النظر في الروايات، والتدقيق في دلالتها وترجيح بعضها على بعض، كان موجودا في اعصارهم دارجة بين أصحابهم فان الاجتهاد وان توسع نطاقه في اعصارنا وبلغ مبلغا عظيما، الا ان أصل الاجتهاد، بالمعنى الجامع بين عامة مراتبه كان دارجا في تلك الاعصار وان الأئمة ارجعوا شيعتهم إلى الفقهاء في اعصارهم وكانت سيرة العوام الرجوع إليهم من دون تزلزل. اما ما يدل على وجود الاجتهاد في اعصارهم فعدة روايات.
منها: ما رواه ابن إدريس في مستطرفات السرائر نقلا عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع) قال: انما علينا القاء الأصول وعليكم ان تفرعوا (الوسائل كتاب القضاء الباب 6 / 52) ورواه أيضا عن كتاب أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا (ع) قال علينا القاء الأصول وعليكم التفريع فان التفريع الذي هو استخراج الفروع عن الأصول الكلية الملقاة وتطبيقها على مواردها وصغرياتها، انما هو شأن المجتهد، وما هو نفسه الا الاجتهاد، نعم التفريع والاستخراج يتفاوت صعوبة كما يتفاوت نطاقه حسب مرور الزمان، فإذا قال (ع) لا تنقض اليقين بالشك أو روى عن النبي: لا ضرر ولا ضرار، كان على المخاطبين وعلى علماء الأعصار المتأخرة، استفراغ الوسع، في تشخيص صغرياته وما يصلح أن يكون مصداقا له أو لا يصلح، فهذا ما نسميه الاجتهاد.
منها: ما رواه الصدوق في معاني اخباره عن داود بن فرقد: قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا ان الكلمة لتنصرف على وجوه فلو شاء انسان لصرف كلامه كيف شاء ولا يكذب (الوسائل الباب 9 / 3) فان عرفان معاني الكلام ليس الا تشخيص ما هو الاظهر بين المحتملات، بالفحص عن القرائن الحافة وبعرض اخبارهم على الكتاب والسنة وعلى اخبار العامة وفتاواهم، وغير ذلك، مما يتضح به المراد، ويتعين ما هو المفاد، وليس هذا الا الاجتهاد.
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»
الفهرست