تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٢٩٢
الانفاق من العمر - ليسهل إجابته، ولأن الاجل أيا ما كان فهو قريب، ومن كلامه صلى الله عليه وآله وسلم: كل ما هو آت قريب.
وقوله: " فأصدق وأكن من الصالحين " نصب " فاصدق " لكونه في جواب التمني، وجزم " أكن " لكونه في معنى جزاء الشرط، والتقدير إن أتصدق أكن من الصالحين.
قوله تعالى: " ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها " إيآس لهم من استجابة دعاء من يسأل تأخير الاجل بعد حلوله والموت بعد نزوله وظهور آيات الآخرة، وقد تكرر في كلامه تعالى أن الاجل المسمى من مصاديق القضاء المحتوم كقوله: " وإذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون " يونس: 49.
وقوله: " والله خبير بما تعملون " حال من ضمير " أحدكم " أو عطف على أول الكلام ويفيد فائدة التعليل، والمعنى: لا تتلهوا وأنفقوا فإن الله عليم بأعمالكم يجازيكم بها.
(بحث روائي) في الفقيه وسئل عن قول الله تعالى: " فأصدق وأكن من الصالحين " قال: " أصدق " من الصدقة، و " أكن من الصالحين " أحج.
أقول: الظاهر أن ذيل الحديث من قبيل الإشارة إلى بعض المصاديق.
وفي المجمع عن ابن عباس قال: ما من أحد يموت وكان له مال فلم يؤد زكاته وأطاق الحج فلم يحج إلا سأل الرجعة عند الموت.
قالوا: يا ابن عباس اتق الله فإنما نرى هذا الكافر يسأل الرجعة فقال: أنا أقرأ به عليكم قرآنا ثم قرأ هذه الآية - يعني قوله: " يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم - إلى قوله - من الصالحين " قال: الصلاح هنا الحج، وروي ذلك عن أبي عبد الله: عليه السلام.
أقول: ورواه في الدر المنثور عن عدة من أرباب الجوامع عن ابن عباس.
وفي تفسير القمي بإسناده عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله: " ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها " قال: إن عند الله كتبا موقوفة يقدم منها ما يشاء ويؤخر ما يشاء فإذا كان ليلة القدر أنزل الله فيها كل شئ يكون إلى مثلها فذلك قوله: " ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها " إذا نزله الله وكتبه كتاب السماوات وهو الذي لا يؤخر.
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»
الفهرست