تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ١٧٩
قوله تعالى: " والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا " الخ، الكلام في معنى الشرط ولذلك دخلت الفاء في الخبر لأنه في معنى الجزاء والمحصل: أن الذين ظاهروا منهن ثم أرادوا العود لما قالوا فعليهم تحرير رقبة.
وفي قوله: " من قبل أن يتماسا " دلالة على أن الحكم في الآية لمن ظاهر ثم أراد الرجوع إلى ما كان عليه قبل الظهار وهو قرينة على أن المراد بقوله: " يعودون لما قالوا " إرادة العود إلى نقض ما أبرموه بالظهار.
والمعنى: والذين يظاهرون من نسائهم ثم يريدون أن يعودوا إلى ما تكلموا به من كلمة الظهار فينقضوها بالمواقعة فعليهم تحرير رقبة من قبل أن يتماسا.
وقيل: المراد بعودهم لما قالوا ندمهم على الظهار، وفيه أن الندم عليه يصلح أن يكون محصل المعنى لا أن يكون معنى الكلمة " يعودون لما قالوا ".
وقيل: المراد بعودهم لما قالوا رجوعهم إلى ما تلفظوا به من كلمة الظهار بأن يتلفظوا بها ثانيا وفيه أن لازمه ترتب الكفارة دائما على الظهار الثاني دون الأول والآية لا تفيد ذلك والسنة إنما اعتبرت تحقق الظهار دون تعدده.
ثم ذيل الآية بقوله: " ذلكم توعظون به والله تعملون خبير " إيذانا بأن ما أمر به من الكفارة توصية منه بها عن خبرة بعملهم ذاك، فالكفارة هي التي ترتفع بها ما لحقهم من تبعة العمل.
قوله تعالى: " فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا " إلى آخر الآية خصلة ثانية من الكفارة مترتبة على الخصلة الأولى لمن لا يتمكن منها وهي صيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا، وقيد ثانيا بقوله: " من قبل أن يتماسا " لدفع توهم اختصاص القيد بالخصلة الأولى.
وقوله: " فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا " بيان للخصلة الثالثة فمن لم يطق صيام شهرين متتابعين فعليه إطعام ستين مسكينا وتفصيل الكلام في ذلك كله في الفقه.
وقوله: " ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله " أي ما جعلناه من الحكم وافترضناه من الكفارة فأبقينا علقة الزوجية ووضعنا الكفارة لمن أراد أن يرجع إلى المواقعة جزاء بما أتى بسنة من سنن الجاهلية كل ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وترفضوا أباطيل السنن.
وقوله: " وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم " حد الشئ ما ينتهي إليه ولا
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»
الفهرست