تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ١٨٠
يتعداه وأصله المنع، والمراد أن ما افترضناه من الخصال أو ما نضعها من الاحكام حدود الله فلا تتعدوها بالمخالفة وللكافرين بما حكمنا به في الظهار أو بما شرعناه من الاحكام بالمخالفة والمحادة عذاب أليم.
والظاهر أن المراد بالكفر رد الحكم والاخذ بالظهار بما أنه سنة مؤثرة مقبولة، ويؤيده قوله: " ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله " أي تذعنوا بأن حكم الله حق وأن رسوله صادق أمين في تبليغه، وقد أكده بقوله: " وتلك حدود الله " الخ، ويمكن أن يكون المراد بالكفر الكفر في مقام العمل وهو العصيان.
قوله تعالى: " إن الذين يحادون الله ورسوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم " الخ، المحادة الممانعة والمخالفة، والكبت الاذلال والاخزاء.
والآية والتي تتلوها وإن أمكن أن تكونا استئنافا ويبين أمر محادة الله ورسوله من حيث تبعتها وأثرها لكن ظاهر السياق أن تكونا مسوقتين لتعليل ذيل الآية السابقة الذي معناه النهي عن محادة الله ورسوله، والمعنى: إنما أمرناكم بالايمان بالله ورسوله ونهيناكم عن تعدي حدود الله والكفر بها لان الذين يحادون الله ورسوله بالمخالفة أذلوا وأخزوا كما أذل وأخزي الذين من قبلهم.
ثم أكده بقوله: " وقد بينا آيات بينات وللكافرين عذاب مهين " أي لا ريب في كونها منا وفي أن رسولنا صادق أمين في تبليغها، وللكافرين بها الرادين لها عذاب مهين مخز.
قوله تعالى: " يوم يبعثهم الله فينبئهم بما عملوا " ظرف لقوله: " وللكافرين عذاب أليم " أي لهم أليم العذاب في يوم يبعثهم الله وهو يوم الحساب والجزاء فيخبرهم بحقيقة جميع ما عملوا في الدنيا.
وقوله: " أحصاه الله ونسوه " الاحصاء الإحاطة بعدد الشئ من غير أن يفوت منه شئ، قال الراغب: الاحصاء التحصيل بالعدد يقال: أحصيت كذا، وذلك من لفظ الحصا، واستعمال ذلك فيه من حيث إنهم كانوا يعتمدونه في العد كاعتمادنا فيه على الأصابع. انتهى.
وقوله: " إن الله على كل شئ شهيد " تعليل لقوله: " أحصاه الله " وقد مر تفسير شهادة الله على كل شئ في آخر سورة حم السجدة.
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»
الفهرست