تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٢٢٤
أن يجولوا على هذه السلالة من الطين فامرؤها وانشؤها ثم أنزوها وجزوها، وأجروا فيها الطبائع الأربعة الريح والدم والمرة والبلغم، فجالت الملائكة عليها، وهي الشمال والجنوب والصبا والدبور، وأجروا فيها الطبائع الأربعة، الريح في الطبائع الأربعة من البدن من ناحية الشمال، والبلغم في الطبائع الأربعة من ناحية الصبا، والمرة في الطبائع الأربعة من ناحية الدبور، والدم في الطبائع الأربعة من ناحية الجنوب. قال: فاستقلت النسمة وكمل البدن، فلزمه من ناحية الريح حب النساء وطول الامل والحرص، ولزمه من ناحية البلغم حب الطعام والشراب والبر والحلم والرفق، ولزمه من ناحية المرة الحب والغضب والسفه والشيطنة والتجبر والتمرد والعجلة، ولزمه من ناحية الدم حب الفساد واللذات وركوب المحارم والشهوات.
قال أبو جعفر عليه السلام: وجدنا في كتاب علي (عليه السلام): فخلق الله آدم فبقي أربعين سنة مصورا، فكان يمر به إبليس اللعين، فيقول: لأمر ما خلقت! فقال العالم (عليه السلام): فقال إبليس: لئن أمرني الله بالسجود لهذا لعصيته، قال: ثم نفخ فيه، فلما بلغت الروح إلى دماغه، عطس عطسة فقال: الحمد لله، فقال الله: يرحمك الله، قال الصادق (عليه السلام): فسبقت له من الله الرحمة (1).
وعلم آدم الأسماء كلها: وذلك إما بخلق علم ضروري بها فيه، أو إلقاء في روعه لا يفتقر إلى سابقة اصطلاح ليتسلسل.
والتعليم جعل الشئ عارفا بشئ من غير انتساب حكم إليه، من العلم المتعدي إلى مفعول واحد، والاعلام جعل الشئ عالما بنسبته بين الشيئين من العلم المتعدي إلى مفعولين.
وآدم إما من الأدمة بضم الهمزة: أي السمرة، أو الأدمة بفتحها أي الأسوة، أو الادم والأدمة بالفتح أي الألفة، أو أديم الأرض، لما روي: أنه خمرت طينته من جميع وجه الأرض وهو أديمها (2) ولذلك يأتي بنوه أصنافا، ووزنه على هذه التقادير

(1) تفسير علي بن إبراهيم القمي: ج 1، ص 36 - 41.
(2) الظاهر أن الحديث منقول بالمعنى: ولعل المراد، أورده في البحار: ج 11، باب فضل آدم وحواء،
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»
الفهرست