تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٢١٣
[هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شئ عليم (29)] يفهم من تعدد الاحيائين تخلل إماتة بينهما.
والظاهر أنه كم يعتد بالاحياء في القبر، لأنه ليس له زمان يعتد به.
وقرأ يعقوب: ترجعون بفتح التاء في جميع القرآن (1).
هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا: بيان نعمة ثانية مترتبة على النعمة الأولى، فإن الانتفاع بالأرض والسماء وما فيها إنما يكون بعد موهبة الحياة.
(والخلق) في الأصل التقدير، ويراد منه الايجاد، فإن أريد المعنى الأول عم الأرض وما فيه، وإن أريد الثاني احتيج في شموله لما سوى العناصر إلى ارتكاب تجوز.
واللام للانتفاع، والمعنى خلق لانتفاعكم في الدنيا والآخرة ما في الأرض جميعا.
فعند الأشاعرة مدخوله غاية، وعند الحكيم: عناية، وعند المعتزلة وأهل الذوق: غرض.
لكن عند المعتزلة: ذلك الغرض عائد إلى العبد، وعند أهل الذوق: إلى المعبود، فإنهم قالوا: إن للحق كمالين، كمالا ذاتيا كوجوب وجوده، ووحدته وحياته وعلمه وغير ذلك من الصفات الذاتية التي لا يحتاج الحق سبحانه في الاتصاف بها إلى سواه. وكمالا أسمائيا يحتاج في الاتصاف بها إليه، فإن كمال الأسماء إنما هو بظهور آثارها وترتب أحكامها عليها، وذلك لا يتم إلا بوجود المظاهر، فنفي الاحتياج والاستكمال بالغير عنه إنما هو بالنظر إلى كماله الذاتي الذي له مرتبة الغنى عن العالمين، وأما بالنظر إلى كماله الاسمائي فليس له هذه المرتبة.

(1) النشر في القراءات العشر لابن الجزري: ج 2، ص 208.
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»
الفهرست