تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٢٢٣
طريق سبيلي، وأجعلهم لي حجة عليهم عذرا نذرا، وأبيد النسناس من أرضي و أطهرها منهم، وأنقل مردة الجن العصاة عن بريتي وخلقي وخيرتي، واسكنهم في الهواء وأقطار الأرض، فلا يجاورون نسل خلقي، وأجعل بين الجن وبين خلقي حجابا، فلا يرى نسل خلقي الجن ولا يجالسونهم ولا يخالطوهم، فمن عصاني من نسل خلقي الذين اصطفيتهم أسكنتهم مساكن العصاة وأوردتهم مواردهم ولا أبالي، فقالت الملائكة: يا ربنا افعل ما شئت، لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم. قال: فباعدهم الله من العرش مسيرة خمسماءة عام، قال: فلاذوا بالعرش و أشاروا بالأصابع، فنظر الرب عز وجل إليهم ونزلت الرحمة، فوضع لهم البيت المعمور، فقال: طوفوا به ودعوا العرش، فإنه لي رضى، فطافوا به، وهو البيت الذي يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، لا يعودون إليه أبدا، فوضع الله البيت المعمور توبة لأهل السماء، ووضع الكعبة توبة لأهل الأرض، فقال الله تبارك وتعالى: " إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون، فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين "، وكان ذلك تقدمة من الله في آدم قبل أن يخلقه واحتجاجا منه عليهم، فاغترف ربنا عز وجل غرفة بيمينه من الماء العذب الفرات، وكلتا يديه يمين، فصلصلها في كفه حتى جمدت، فقال لها: منك أخلق النبيين والمرسلين، وعبادي الصالحين، والأئمة المهتدين، والدعاة إلى الجنة، وأتباعهم إلى يوم القيامة ولا أبالي، ولا أسأل عما أفعل وهم يسألون. ثم اغترف غرفة أخرى من الماء المالح الأجاج فصلصلها في كفه فجمدت، ثم قال لها: منك أخلق الجبارين والفراعنة والعتاة وإخوان الشياطين والدعاة إلى النار إلى يوم القيامة وأشياعهم ولا أبالي، ولا اسأل عما أفعل وهم يسألون قال: وشرط في ذلك البداء ولم يشترط في أصحاب اليمين البداء (1) ثم خلط المائين جميعا في كفه فصلصلها، ثم كفأهما قدام عرشه، وهما سلالة من طين، ثم أمر الله الملائكة الأربعة الشمال والجنوب والصبا والدبور

(1) من أراد التحقيق في البداء والروايات الواردة فيه والأقوال الدائرة عليه فليراجع إلى كتاب بحار الأنوار الطبعة الحديثة، ج 4، ص 93.
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»
الفهرست