مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٣٠٩
بعد الذبح في الذبيحة كما نص عليه صاحب المعالم والذبيحة في عرفهم يتبادر منها مأكول اللحم ويؤيده إطلاق الآية والروايات والاحتياط أيضا وأما الآية الكريمة فبعد تسليم صحة الاحتجاج بها نقول أما ما يدل عليه من حيث عموم لا أجد فمخصص بما يدل على حرمة الحيوان الشامل لجميع أجزائه وأما دلالة مفهوم المسفوح على أن غير المسفوح ليس بمستثن وداخل في حكم الحل فقد عرفت إن المفهوم على تقدير حجته لا عموم له فغايته إنه غير المسفوح غير مستثنى في الجملة ويكفي لتحقق مصداقه غير المسفوح من مأكول اللحم ومما لا نفس له سائلة وفيه أيضا مثل ما ذكرنا فيما ألحق سابقا وأما النجاسة فلما ذكرنا من إطباق الأصحاب عليه ظاهرا وتأييد إطلاق الآية والروايات والاحتياط وقد تردد بعض الأصحاب في الحكمين من إطلاق الأصحاب الحكم بنجاسة الدم مما له نفس مدعين الاتفاق عليه وهذا بعض أفراده ومن ظاهر قوله تعالى أو دما مسفوحا حيث دل على حل غير المسفوح وهو يقتضي طهارته وقد عرفت الحال في دلالة الآية على الحل وعلى الطهارة بالقياس (وإن كان بحريا كالتمساح) لشمول ما يدل على النجاسة له ظاهرا وإطباق الأصحاب عليه أيضا ظاهرا مع التأييد بالاحتياط أو كان علقه في البيضة أو غيرها قال الشيخ في الخلاف العلقة نجسة واستدل عليه بإجماع الفرقة وبأن ما يدل على نجاسة الدم يدل على نجاسة العلقة لأنها دم وبدليل الاحتياط وقال المحقق في المعتبر العلقة التي يستحيل إليها نطفة الادمي نجسة والشيخ استدل بإجماع الفرقة لنا أنها دم حيوان له نفس فيكون نجسة وكذا العلقة التي يوجد في بيضة الدجاج وشبهه انتهى وذكر الادمي كأنه من باب التمثيل وإلا فالظاهر أنه لا اختصاص للحكم بعلقة الادمي ودليله أيضا يعطي عدم الاختصاص وقال المصنف في الذكرى بعد نقل ما ذكره المحقق وفي الدليل منع وكونها في الحيوان لا يدل على أنها منه و استوجهه صاحب المعالم وقال وهو متجه لا سيما بالنظر إلى ما يوجد في البيضة مع أن كونه علقة ليس بمعلوم أيضا فالاجماع الذي ادعاه الشيخ لو ثبت على وجه يكون حجة لكان في تناوله له نظر ومقتضى الأصل طهارته ويعضده ظاهر قوله تعالى أو دما مسفوحا حيث إنه دال على حل غير المسفوح مطلقا خرج عن ذلك ما وقع الاتفاق على تحريمه فيبقى الباقي وإثبات الحل مقتض لثبوت الطهارة كما مر غير مرة انتهى وقال في حاشية الكتاب قال بعض الأصحاب ما يوجد في البيضة أحيانا من الدم لا يعلم كونه من ذلك الحيوان والعلم بكونه علقة له أشد بعدا والامر كما قال انتهى أقول لا يخفى إن منع كون العلقة دما للحيوان بعد تسليم كونها دما وإن كان في البيضة وكذا علقة له بعد تسليم كونها علقة لا يخلو عن غرابة لان دم الحيوان ليس إلا ما يتكون فيه سواء كان في عروقه أو غيره والامر في العلقة أغرب إذ بعد كون ما في البيضة علقة فعلقة أي شئ هو مع أن الشيخ ادعى الاجماع على نجاسة العلقة ولم يقيد بعلقة الحيوان نعم منع كونها علقة متجه ولعله يمكن حمل كلام بعض الأصحاب أيضا على منع كونه علقة لا منع كونه علقة ذلك الحيوان وكذا ما ذكره صاحب المعالم من أن ما ذكره المصنف متجه لا سيما بالنظر إلى ما يوجد في البيضة يحمل على أن ما في البيضة لا يعلم أنه دم ذلك الحيوان لا أنه لا يعلم إنه علقة ذلك الحيوان وأيضا منع كونه دم ذلك الحيوان مما لا وجه له إذ الروايات الدالة على نجاسة الدم معلقة لحكم النجاسة على الدم لا دم الحيوان فيكفي في إثبات الحكم صدق الدم عليها ولا يهمهم صدق دم الحيوان عليها حتى يمنع ولو قيل إن شمول الدم لمثل هذا الدم محل نظر لعدم تعارفه فهو كلام آخر ولا حاجة فيه إلى منع كونه دم حيوان إلا أن يقال لعل هذا المنع باعتبار أنه جعلوا الحجة في نجاسة الدم مطلقا الاجماع لا الروايات لأنها لا عموم لها والاجماع إنما وقع على نجاسة دم الحيوان ذي النفس فحينئذ ينفع منع كونها من ذلك الحيوان وأنت خبير بأن الأولى حينئذ أيضا منع شمول الاجماع لمثل هذا الدم بناء على حمله على الافراد المتعارفة كالروايات بعينها وهذا ليس منها لا منع كونه من ذلك الحيوان لبعده جدا ثم الظاهر في غير العلقة التي في البيضة النجاسة بناء على دعوى الاجماع من الشيخ مع تأيده بالروايات الدالة على نجاسة الدم مطلقا وبالاحتياط وأما ما في البيضة فالحكم بنجاسته مشكل من حيث عدم العلم بكونه علقة حتى يحتج عليها بدعوى الاجماع من الشيخ مع أن شمول الاجماع له أيضا محل نظر فما بقي إلا صدق الدم عليه لو سلم و الدم قد عرفت أن إثبات عموم نجاسته بحيث يشمل مثل هذا الفرد لا يخلو عن إشكال سواء تمسك بالاجماع أو بالروايات والأصل الطهارة لكن لا شك إن الاحتياط في التجنب عنه وعدم الملاقاة له (أما الدم المتخلف في اللحم بعد الذبح والقذف فظاهر وكذا دم البراغيث وقيل عفو) قد مر الكلام فيهما بما لا مزيد عليه (والميتة من ذي النفس حل أو حرم) لا خلاف عندنا في نجاسة ميتة ذي النفس مطلقا آدميا أو غيره حلالا أو حراما قال العلامة (ره) في المنتهى الميتة من الحيوان ذي النفس السائلة نجسة سواء كان آدميا أو غير آدمي وهو مذهب علمائنا أجمع وقال المحقق في المعتبر الميتات مما له نفس سائلة نجسة وهو إجماع الناس والخلاف في الادمي وعلماؤنا مطبقون على نجاسة عينية كغيره من ذوات الأنفس السائلة قال صاحب المعالم وقد تكرر في كلام الأصحاب ادعاء الاجماع على هذا الحكم وهو الحجة فيه إذ النصوص لا ينهض باثباته ثم ذكر إن جملة ما وقف عليه من الروايات في هذا الباب روايتان أحديهما حسنة الحلبي والأخرى رواية إبراهيم بن ميمون وسنوردهما إنشاء الله تعالى في طي الروايات ثم قال وقصور هذين الحديثين عن إفادة الحكم بكماله ظاهر مع أن الصحة منفية عن سنديهما وورد في عدة روايات معتبرة الاسناد المنع من أكل نحو السمن الذايب والزيت إذا مات فيه الفارة وظاهره الحكم بنجاسته وقد تقدم منها في بحث المضاف حديث صحيح عن زرارة وهذا الحكم خاص أيضا كما لا يخفى فلا يمكن جعله دليلا على العموم وحينئذ فالعمدة في إثبات التعميم هو الاجماع المدعى في كلام الجماعة انتهى ولا يخفى إن الامر ليس كما ذكره بل يوجد في الروايات في هذا الباب غير ما ذكره كثيرا
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336