مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٢٦
فتجديدي مقتضى الاحتياط في الابتدائي أن يؤتى به بعد الحدث خصوصا مع عموم موثقة ابن بكير المتقدمة وإياك أن تحدث وضوء أبدا حتى تستيقن أنك قد أحدثت والله أعلم بحقايق الأمور (ولا يجب شئ منها وجوبا مطلقا في الأصح) أي لا يجب شئ من الوضوء والغسل والتيمم وجوبا مطلقا بدون أن يكون وجوبه الغاية من الغايات المذكورة أو بسبب نذر من المكلف أو شبهة بل في نفسه بأصل الشرع أعلم إن كلام قدمائنا رضوان الله عليهم كما نقل خال عن التعرض لان وجوب الطهارات هل هو في نفسها أو لغيرها وإنما طال التشاجر والتنازع بين المتأخرين رحمهم الله في خصوص غسل الجنابة هل هو واجب لنفسه أو لغيره فابن إدريس والمحقق رحمهما الله وجماعة على الثاني والراوندي والعلامة ووالده رحمهم الله وجماعة على الأول ويفهم من كلام المصنف (ره) في الذكرى وقوع الخلاف في غير غسل الجنابة أيضا من الطهارات حيث قال وربما قيل بطرد الخلاف في كل الطهارات لان الحكمة ظاهرة في شرعيتها مستقلة انتهى لكنه لم يشتهر كالأول فلا بد أولا من تحرير محل النزاع وما يتعلق به عموما ثم الكلام في أدلة الطرفين في خصوص كل من الطهارات فنقول القائلون بوجوبه في نفسه مرادهم أنه إذا وقع حدث من المكلف من الاحداث التي سيأتي ذكرها إنشاء الله تعالى فيجب بعد ذلك الحدث الطهارة التي ذلك الحدث سبب لها ولا يتوقف وجوبها على دخول وقت وجوب العبادة التي مشروطة بها ولا على الظن بأنها سيجب والقائلون بوجوبها لغيرها يقولون أن بعد الحدث لا يجب الطهارة بل يجب بعد وجوب مشروطها ولعل مرادهم أنها يجب بعد وجوب مشروطها إذا كان المشروط موسعا يفضل وقته منه كالصلاة وأما إذا كان مضيقا كالصوم فإنما يجب عند تضيق دخول وقته بقدر فعلها وإنما اكتفوا بالأول لكثرته وندور الثاني معتمدا على ما ذكروه في وجوب الغسل للصوم فلا يرد ما أورد عليهم من أنه مناف للقول بوجوب الغسل للصوم قبل وقته والظاهر أن معنى الوجوب بالغير الذي ادعوه ليس هذا بعينه بل هذا لازم من لوازمه باعتقادهم فلذا قد يفسرونه به وإنما معناه أن الغرض من وجوب الطهارة إنما هو مشروطها من الصلاة ونحوها ولم يتعلق بها غرض في نفسها بل إنما شرع لتحصيل صحته فقط لكنهم اعتقدوا أن هذا المعنى يستلزم أن يكون وجوبها بعد وجوب مشروطها أو عنده مضيقا ولا يخفى ما فيه إذ الاستلزام ممنوع لان غاية ما يلزم ذلك المعنى أن لا يجب الطهارة عند العلم أو الظن بأن ما هو مقصودها والغرض منها لم يمكن الاتيان به ولم يصر واجبا في وقته وأما إذا علم أو ظن أنه سيصير واجبا ويمكن الاتيان به فلا مانع من القول بوجوبها لذلك الغرض وإن لم يجب بعد لكن وجوبا موسعا بتضيق الغرض وقد يدعون أيضا لازما آخر لهذا المعنى وهو تضيقها بتضيق الغرض والظاهر أنه كما يدعون وإذا عرفت هذا فاعلم أنهم ذكروا في ثمرة النزاع أن المكلف إذا خلت ذمته بعد وقوع الحدث من واجب مشروط بالطهارة فهل يوقعها إذا أراد إيقاعها بنية الوجوب أو الندب فعلى الأول بالأول وعلى الثاني بالثاني مع اتفاق الفريقين ظاهرا على شرعية الايقاع وبما قررنا ظهر ما فيه لما علمت من عدم استلزام الوجوب بالغير بالمعنى الذي سبق لعدم وجوب الطهارة قبل وقت وجوب المشروط بها نعم إذا خلت ذمته ولم يظن بشغلها بعده أو دل دليل على حدة على ما يدعونه لازما للوجوب بالغير لكان الامر كما ذكروه وسيجئ إنشاء الله تعالى ما يصلح لان يكون دليلا عليه وبهذا ظهر أن ما ذكره صاحب المدارك (ره) في بحث وجوب الغسل للصوم ومقتضى العبارة أن المكلف إذا أراد تقديمه وكانت ذمته بريئة من مشروط بالطهارة قوى الندب إن اعتبرنا الوجه وهو كذلك بناء على القول بأن وجوبه لغيره ورجح بعض مشايخنا المعاصرين جواز إيقاعه بنية الوجوب من أول الليل وإن قلنا بوجوبه لغيره وكأنه أراد به الوجوب الشرطي وإلا فالوجوب بالمعنى المصطلح منتف على هذا التقدير قطعا انتهى منظور فيه وحال من ظن قبل وقت وجوب المشروط أنه سيجب لكن لم يكن غرضه من الاتيان بالطهارة إيقاع ذلك المشروط في وقته على القول بالوجوب بالغير في جواز إيقاعه إياها بنية الوجوب كحال من يوقعها بعد الوقت لا لذلك الغرض فقس عليه ولا يذهب عليك أن الظاهر أن النزاع في أن الطهارات هل هي واجبة في نفسها أيضا أم لا بل ينحصر وجوبها في الوجوب بالغير بعد الاتفاق على الوجوب بالغير في الجملة كما أشرنا إليه أيضا سابقا لان القائلين بالوجود لنفسها أيضا يذكرون في كتبهم إن الوضوء يجب لكذا وكذا والغسل يجب لكذا وكذا وهو ظاهر في الوجوب بالغير خصوصا في الوضوء لوجود روايات كثيرة دالة على وجوبه للغير كما أوردناها في مفتح الكتاب فيبعد القول مع ذلك بعدم وجوبه للغير رأسا وبهذا اندفع ما يورد على ما جعلوه ثمرة النزاع من أن الوجوب بالغير لا ينافي إيقاع الطهارة قبل وقت وجوب مشروطها بنية الوجوب لجواز أن يكون واجبة في نفسها أيضا ومما يعد من ثمرات النزاع أيضا أنه إذا ظن المكلف بعد الحدث بالوفاة قبل أن يدخل وقت المشروط بالطهارة فعلى القول الأول يجب الطهارة وعلى الثاني لا يجب وهو كذلك سواء قلنا باستلزام الوجوب بالغير المعنى الذي ادعوه من عدم وجوبها ما لم يجب المشروط أو لا وكذا الحال فيما إذا ظن الوفاة بعد دخول الوقت لكن بقدر الطهارة لا بقدر الصلاة مثلا أيضا نعم لو قال أحد باللازم فقط دون الملزوم للزم على قوله أيضا وجوب الطهارة في هذه الصورة كما على القول بوجوبها لنفسها لكن الظاهر أنه لم يقل به أحد هذا إذا جعل اللازم عدم وجوبه ما لم يدخل الوقت وأما إذ جعل اللازم عدم وجوبه ما لم يجب الصلاة أفعلى القول به فقط أيضا الظاهر أنه لا يجب الوضوح لعدم وجوب الصلاة فافهم ولا يخفى أن
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336