مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٢٧
تضيق الطهارة بتضيق مشروطها كما يقول به القائلون بالوجوب الغيري يجب أن يقول به القائلون بالوجوب النفسي أيضا لما ذكرنا عن قولهم بالوجوب الغيري أيضا ظاهرا لكن من جهة الوجوب الغيري وإن لم يجب أن يقولوا بتضيقها من جهة الوجوب النفسي وتظهر الفائدة فيما إذا خرج وقت الصلاة مثلا ولم يتطهر ولم يصل فعلى عدم تضيق الطهارة وبقاء وجوبها النفسي يجب الاتيان بها بعد خروج الوقت ويرجع الامر إلى حال بعد الحدث وقبل دخول الوقت بالنسبة إلى الصلاة المستقبلة هذا وإذا قد حرر محل النزاع وما يتعلق به فلنشرع الان في بيان أدلة الطرفين ونبدأ بالوضوء فنقول أما الاستدلال على وجوبه لغيره في الجملة فلا نحتاج إلى التعرض له إذ قد مر مستقصى في صدر الكتاب وإنما الحاجة ها هنا إلى الاستدلال على وجوبه لغيره فقط وعدم وجوبه في نفسه كما هو المراد ها هنا ظاهرا فمما يمكن أن يستدل عليه قوله تعالى في سورة المائدة يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا الآية والاستدلال به من وجهين الأول أن المفهوم من الآية عرفا إن الوضوء لأجل الصلاة كما يقال إذا لقيت العدو فخذ سلاحك أي لأجل العدو فيكون الغرض منه الصلاة فلا يكون واجبا لنفسه ويرد عليه أن غاية ما يدل عليه الآية الشريفة أن الصلاة غرض من الوضوء في الجملة إلا أنها غرض تام لا يقال كونها جزء للغرض أيضا كاف في غرضنا هذا انتفاء الجزء مستلزم لانتفاء الكل فعند انتفاء الصلاة ينتفي الغرض وبانتفائه ينتفى الوضوء لان المراد من كونها غرضا في الجملة ليس أنها جزء الغرض بل أن لها غرضية ناقصة مع جواز أن يكون للوضوء غرض تام آخر أما نفسه أو شئ آخر يتحقق معه دائما واجتماع العلل التامة الشرعية جايز فكيف بالتام والناقص وقد مر هذا الاحتمال في صدر الكتاب مع الحكم ببعده ومع تسليم أن المفهوم من الآية كونها غرضا تاما فلا نسلم انفهام حصر الغرض فيها أصلا وعلى تقدير تسليم فهم حصر الغرض فيها في الجملة إنما يسلم فهم حصر الغرض من هذا الامر فيها لا مطلقا ومما يحقق ما ذكرنا أنه إذا قال السيد لعبده إذا لقيت اللص فخذ سلاحك وإذا لقيت الأسد فخذ سلاحك وإذا لقيت الذئب فخذ سلاحك فلا يريب من له أدنى معرفة بالعرف مع وجدان صحيح في أن ليس بين ظواهر هذه الأوامر توهم منافاة أو شائبة معارضة فلو لا صحة ما ذكرنا من المنوع كلا أو بعضها لما كان كذلك وعلى تقدير تسليم فهم حصر الغرض مطلقا فمعارض بما سنذكره من أدلة الطرف الآخر فينبغي النظر في الترجيح ولا يخفى جريان مثل هذا الوجه في بعض الروايات المتقدمة في صدر الكتاب أيضا والجواب الجواب والثاني أن إذا من أداة الشرط ويفهم منها عدم المشروط عند عدم الشرط فحينئذ نقول أن معنى الآية الكريمة إذا أردتم القيام فاغتسلوا للصلاة ويفهم منها بمقتضى الشرط عدم وجوب الغسل والمسح عند عدم إرادة الصلاة ورد عليه أما أولا فبالمنع من حجية مفهوم الشرط وفيه شئ وعلى تقدير حجيته إنما هو حجته فيما إذا لم يظهر للشرط فائدة أخرى سوى مفهومه لئلا يكون عبثا غير جايز في كلام الحكيم والفائدة فيما نحن فيه ظاهرة أما بيان أن الصلاة غرض للوضوء ناقصا وتاما على مأمر آنفا أو بيان اشتراطها بالوضوء أما بأن يقال أنه يفهم الاشتراط من نفس الكلام أو يقال أنه يفهم منه وجوب الوضوء (قبل الصلاة فيكون الاتيان بالصلاة بدون الوضوء حراما لأنه ضد المأمور به وضد المأمور به حرام والنهي في العبادة مستلزم للفساد فيمكن الصلاة بدون الوضوء فاسدا فقد ثبت الاشتراط أو باعتبار أنه يفهم منه وجوب الوضوء) الكائن قبل الصلاة وعند الاتيان بالصلاة بدون الوضوء يلزم ترك ذلك الوضوء وملزوم الحرام حرام فبكون الصلاة حراما فيكون فاسدا لما مر فقد ثبت الاشتراط أيضا وقد مر الكلام في هذين الاستدلالين في صدر الكتاب وعلى تقدير عدم ظهور فائدة أخرى نقول أن مفهوم الشرط ها هنا عدم هذا الامر الخاص بالوضوء عند عدم الشرط لا الامر به مطلقا على ما يستفاد من كلام بعض المحققين ظاهرا وعلى تقدير التسليم أيضا عموم مفهوم الشرط ممنوع وما يقال أنه على تقدير الاهمال يخلو الكلام عن الفائدة ممنوع إذ فائدة المنطوق كافية مع أنك قد عرفت أن أكثر أحكام الكتاب مجمل يحتاج إلى بيان أهل الذكر (عليهم السلام) لكن لا يخفى أن منع عموم المفهوم إنما هو لأجل أن يحمل عدم وجوب الوضوء عند عدم الإرادة على بعض أوقات عدم الإرادة ولا يمكن أن يكون ذلك البعض في داخل الوقت للاجماع بل في خارجه وحينئذ يثبت المطلوب بالتمسك بالاجماع المركب كما سيجئ فلا يجدي ذلك المنع فإن قلت بل يجدي إذ يحمل على بعض أوقات خارج الوقت الذي لا يكون حدث فحينئذ لم يثبت المطلوب قلت حينئذ لم يبق للشرط فائدة إذ ليس فرق بين حال إرادة الصلاة وبين عدمها في ذلك المعنى إذ حال الإرادة أيضا إذا لم يكن حدث لم يجب الوضوء والمثال المذكور سابقا أيضا مما يحقق هذه الممنوع كلا أو بعضا وأما ثانيا فلانه غير دال على المراد من عدم وجوب الوضوء قبل الوقت إذ لا قرينة على إرادة المتصلة والإرادة الغير المتصلة بتحقق قبل الوقت أيضا فلم يثبت عدم وجوب الوضوء خارج الوقت مطلقا ويمكن أن يقال قد استفيد من الآية عدم وجوب الوضوء عند عدم إرادة الصلاة مطلقا بناء على تسليم عموم المفهوم فيشمل جميع أوقات عدم الإرادة سواء كان داخل الوقت أو خارجه بعد الحدث أو قبله خرج داخل الوقت بالاجماع وبقي الباقي فثبت عدم وجوب الوضوء في بعض أوقات خارج الوقت وبعد الحدث فيلزم أن لا يجب في جميعه أيضا وإلا لزم خرق الاجماع المركب لان القائلين بالوجوب النفسي أيضا لا يقولون بوجوب الوضوء في بعض أوقات خارج الوقت وبعد الحدث فثبت المطلوب وسيجئ قلب هذا الدليل عليهم في حجج الطرف الآخر ويمكن أن يدفع هذا الايراد أيضا بأنه لا يلزم علينا أن نحمل الآية على معنى إذا أردتم القيام حتى يرد ما ذكرتم بل نحملها على معناها الظاهر من أنه إذا تهيأتم واستعددتم لاتيان
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336