مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٩٨
الظاهر كما عرفت من المباحث ما ذهب إليه الشيخ من عدم البطلان خصوصا إذا كان قصد القربة مقتضيا تاما بمعنى أنه لو لم يكن الضميمة أيضا لكان محركا وباعثا على الفعل واعلم أيضا إن الظاهر أن الخلاف فيما إذا لم يكن الضميمة راجحة بحسب الشرع وأما إذا كانت راجحة كقصد الامام باظهار تكبيرة الاحرام اعلام القوم وضم الصائم إلى نية الصوم قصد الحمية ومخرج الزكاة ظاهرا اقتداء غيره به ونحو ذلك فيصح اتفاقا والله أعلم (ولا يصح الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر) بعد ما علمت من وجوب القربة وظهر عدم إمكانها في حقه لاخفاء في صحة هذا الحكم (ولو نوى قطع الطهارة أو ارتد بطل فيما بقي فيبني مع العود والبلل ويستأنف مع الجفاف) فيه حكمان عدم بطلان ما سبق وبطلان ما بقي أما الأول فلصدوره بشرايطه صحيحا والبطلان لا بد له من دليل ولا دليل وأما الثاني فلما علمت من وجوب الاستدامة الحكمية بالمعنى المذكور فلو قطع نيته لكان ما يأتي به بعده ليس بقصد القربة وكذا لو ارتد وما ذكره من النبأ مع عدم الجفاف والاستيناف معه فيظهر إنشاء الله تعالى في مبحث الموالاة (ولا يضر غروبها إلا مع نية المنافي أو اللازم) قد علم وجهه مما سبق (ولو أمكن استحضاره فعلا في جميع الوضوء أو بعضه لم يجب) هذا أيضا ظهر مما تقدم وقد تقدم إن العلامة قال في المنتهى بالاستحباب وإثباته مشكل إلا أن يقال باندراجه تحت حضور القلب المندوب إليه في الروايات (والخالي من موجب الوضوء ينوى الندب فلو نوى الوجوب أو نوى من وجب عليه الندب بطل في الأقوى) وجه الحكم الأول ظاهر على ما اختاروه من اشتراط قصد الوجه وأما على ما اخترناه من عدم الاشتراط فلا يبطل وأما الحكم الثاني فإن كان المراد منه إن فعل الوضوء الواجب الذي للصلاة مثلا بقصد الندب بطل فله وجه على رأيهم من اشتراط الوجه لكن الظاهر أنه ليس بمراد بل المراد أن وقت اشتغال الذمة بموجب الوضوء لا يندب الوضوء أصلا مثل الوضوء الواجب فلو نوى الندب كان باطلا كما مر في بحث اشتراط الوجه وهذا الحكم وإن كان دايرا في ألسنتهم لكن لم نجد له وجها ظاهرا وما يتخيل له من الوجه أمور الأول إن الامر بالشئ نهى عن ضده فلو كان الوضوء للصلاة مثلا مأمورا به وجوبا لما كان الوضوء لشئ آخر الذي هو ضد الوضوء الأول مأمورا به ندبا وضعفه ظاهرا لان هذا الحكم على تقدير تمامه إنما هو في المأمور به المضيق لا مطلقا و أيضا لا نسلم التضاد لان الوضوء المندوب يجامع الواجب لما ذكرنا سابقا من جواز التداخل بين الواجب والمندوب وفيه إن تداخلهما اما مع نيتهما معا أو مع نية الندب فإن كان الأول فيمكن أن يقال هذا لا يضرهم لان مرادهم أن الوضوء حينئذ بقصد الندب فقط بطل وإن كان الثاني فنقول إن جعله امتثالا للامر الواجبي لا يصح لما يثبت عندهم من أن الوضوء الواجب لا بد فيه من قصد الوجوب فتدبر الثاني إن تحقق الندب حينئذ يخرج الواجب عن الوجوب إذ يجوز أن يتوضأ حينئذ ندبا وعنده يرتفع الحدث لما مر مرارا وعند ارتفاع الحدث لا يجب الوضوء فيلزم ما ذكرنا واشتراط الوجوب بعدم الاتيان به ندبا تقييد من غير دليل وفيه أنه كما أن الامر الواجبي مطلق لا بد لتقييده من دليل فكذا الأوامر الندبية فلم يخصصونها دونه وأيضا خروج الواجب عن الوجوب ممنوع إذ عند الاتيان به ندبا يمتثل الامر الواجبي أيضا وفيه مثل ما مر آنفا الثالث إن اجتماع أمر الوجوب والندب يستلزم اجتماع المتضادين إذ عند اجتماعهما يكون الوضوء الواحد متعلقا لهما الصدق الامتثال وحينئذ يلزم أن يكون واجبا وندبا وهو محال وإذا لم يجز اجتماعهما فأما أن يرتفع الوجوب أو الندب والأول بطل الاجماع فتعين الثاني وهو المراد وفيه إن الملازمة ممنوعة لجواز أن لا يجوز التداخل مطلقا كما هو رأي بعض وعلى تقدير جوازه لا يجوز ها هنا لما ذكر ثم فيكون الامتناع قرينة على أن المراد بالامرين تعدد متعلقيهما ما في الصور التي يعلم لزوم التعدد بالدليل مثل نافلة الصبح وفريضة ونحوهما ولو سلم فلا نسلم امتناع اجتماع الوجوب والندب وقد مر مرارا والحاصل إن هذا الحكم مما يشكل إثباته فالظاهر جواز الوضوء المندوب حال اشتغال الذمة بموجب الوضوء فإن جوزنا التداخل كما هو الظاهر يكون كافيا عن الواجب أيضا وإلا فلا بد من وضوء آخر للواجب (ولو نوى لكل عضو نية تامة بطل وأولى منه لو نوى رفع الحدث عنه لا غير) المراد بالنية التامة لكل عضو أن لا ينوي في الابتداء فعل الجميع بالوجه المذكور سابقا بل ينوي عند غسل الوجه أنه يغسل الوجه للقربة وساير الشروط المعتبرة وكذا عند غسل اليد إلى آخر الوضوء وذهب العلامة (ره) في جملة من كتبه إلى الصحة وهو الأظهر لنا إن القدر الثابت وجوبه بالدلائل السابقة أن يفعل الفعل لمحرك قصد القربة أما مع قصد الوجوب والاستباحة أيضا كما هو رأيهم أو لا كما هو المختار ولا ريب في تحقق هذا القدر في الفرض المذكور وأما وجوب القصد في الابتداء لجملة الفعل فلا دليل عليه والأصل براءة الذمة حتى يثبت بل قد يقال هذا أولى من القصد الابتدائي للمجموع لان ارتباط النية الخاصة بكل عضو أقوى من ارتباط النية العامة واحتجوا على البطلان بأن الوضوء عبادة واحدة فلا يفرد بعضها عن بعض وبالقطع بأن صاحب الشرع لم يفعل ذلك وكلاهما ممنوعان كما لا يخفى ولا يخفى إن هذا قريب مما حكم بصحته من فرض نية قطع الوضوء فتأمل وأما الحكم الثاني فظاهره البطلان على رأيهم من وجوب قصد الرفع لان الحدث ليس ما يتعلق بعضو عضو بل إنما يتعلق بالمجموع من حيث هو مجموع وقصد رفعه عن العضو لا يستلزم الرفع عن المجموع فلا يتحقق ما هو الواجب فيكون باطلا نعم لو قيل بقيامه بالمجموع بطريق السريان لكان للصحة وجه بناء على ما ذكر في صحة
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336