مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٢٦٤
بعنوان إهراقه مثلا فيه إشكال عظيم لأنه مظنة الاسراف الشديد فلو قيل بجواز بيعه ممن يستحله أو سقيه للدواب والصبيان وفرض أنه لا إسراف فيه فحينئذ ينبغي أن يكون التجنب عنه بهذا النحو ولو انتفى ذلك فلا يبعد أن يقال حينئذ الاحتياط في بيعه ممن يستحله إن أمكن أو أكله نعم بعد الاكل ينبغي أن يطهر ما لاقاه من بدنه ثم يصلي وكذا يطهر القدر وساير ما لاقاه وحمل كلام المصنف أيضا على ما ذكرنا ليس ببعيد الثالث أن هذه المسألة أيضا كان الأليق بها أن يذكر فيما بعد حيث يعد المطهرات (ولو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما بخلاف المشتبه بالنجس أو المغصوب) أما الحكم الأول فظاهر لأنه مأمور بالطهارة بالماء المطلق عند وجوده والتمكن من استعماله أمرا مطلقا ولا شك إن الماء المطلق موجود في هذا الفرض وكذا التمكن من استعماله فيجب الامتثال بالاتيان بالطهارة به ولما كان لا بد في الامتثال من أن يحصل اليقين أو الظن بالاتيان بالمأمور به وذلك اليقين أو الظن في الفرض المذكور لا يحصل بدون الطهارة بهما جميعا فلا بد من الطهارة بهما سواء قلنا بوجوب مقدمة الواجب المطلق أولا إذ لا نزاع في لا بديتها وليس غرضنا ها هنا سوى اللابدية وأما الوجوب المتنازع فيه فلا غرض يتعلق به فيما نحن فيه كما لا يخفى وما يتوهم في المقام من أن لا بد من الجزم في النية ولا جزم فيها في الطهارة بكل منهما فليس بشئ إذ لا جزم بل ولا ظن بأن لا بد من مثل هذا الجزم في النية ولو سلم ففي صورة الجزم أو الظن وأما فيما لم يتيسر كما فيما نحن فيه فلا وكأنه قد مر في مبحث النية في الوضوء ما يكفي مؤنة هذا المقام فعلى هذا ينوي في كل من الطهارتين القرية وطلب الامتثال لأمر الله وتحصيل الطهارة المطلوبة بالماء المطلق بأيهما كان ماء مطلقا أما هذا وأما ذاك ثم أنه هل يصح الطهارة بهذين المائين المشتبهين مع وجود ماء غير مشتبه صرح الشهيد الثاني في شرحه للارشاد بعدم الصحة للقدرة على الجزم التام في النية فلا يصح بدونه وللنزاع مجال وإن كان الاحتياط فيه فرع لو انقلب أحد هذين المائين فالحكم ماذا الظاهر كما نص عليه صاحب المدارك إن الأصحاب قطعوا بوجوب الوضوء بالباقي والتيمم مقدما الأول على الثاني قال الشهيد الثاني في روض الجنان ولو فرض انقلاب أحدهما قبل الطهارة وجب الطهارة بالآخر ثم التيمم لما تقدم من أن الجمع مقدمة الواجب المطلوب ولا الحكم بوجوب الاستعمال تابع لوجود المطلق وقد كان وجوده مقطوعا به فيستصحب إلى أن يثبت العدم ويحتمل ضعيفا عدم الوجوب فتيمم خاصة لان التكليف بالطهارة مع تحقق وجود المطلق وهو منتف ولأصالة البراءة من وجوب الطهارتين وجوابهما يعلم مما ذكرناه فإن الاستصحاب كاف في الحكم بوجود المطلق وأصالة البراءة ها هنا منتفية لوجوب تحصيل مقدمة الواجب المطلق وهي لا يتم إلا بفعلهما معا فلن قيل ما ذكرتم من الدليل يقتضي عدم وجوب التيمم فإن استصحاب وجود المطلق إن تم لا يتم معه وجوب التيمم إذ هو مع الاشتباه لا مع تحقق الوجود قلنا الاستصحاب المدعى إنما هو استصحاب وجوب الطهارة به بناء على أصالة عدم فقد المطلق وذلك لا يرفع أصل الاشتباه لان الاستصحاب لا يفيد ما في نفس الامر فالجمع بين الطهارتين يحصل اليقين انتهى وقال صاحب المدارك بعد نقل مذهب الأصحاب على ما نقلا وقد يقال أن الماء الذي يجب استعماله في الطهارة إن كان هو ما علم كونه ماء مطلقا فالمتجه الاجزاء بالتيمم وعدم وجوب الوضوء به كما هو الظاهر وإن كان هو ما لا يعلم كونه مضافا اكتفى بالوضوء فالجمع بين الطهارتين غير واضح ومع ذلك فوجوب التيمم إنما هو لاحتمال كون المنقلب هو المطلق فلا يكون الوضوء بالآخر مجزيا وهذا لا يتفاوت الحال فيه بين تقديم التيمم وتأخيره كما هو واضح انتهى وفي كل من الكلامين نظر أما في كلام الشهيد الثاني (ره) فنقول أولا إن التمسك باستصحاب وجود الماء المطلق غير جيد لأنه استصحاب في الأمور الخارجية لا الشرعية حجية الاستصحاب فيها ضعيفة جدا مع أنه معارض باستصحاب وجود الماء المضاف فالأولى أن يتمسك باستصحاب وجوب الطهارة قبل الانقلاب لينقلب الاستصحاب إلى الاستصحابات في الأمور الشرعية من دون معارض لكن هذا إنما يصح في بعض الصور لا مطلقا وثانيا إن ما ذكره في جواب فإن قيل من أن الاستصحاب لا يرفع الاشتباه لأنه لا يفيد ما في نفس الامر لا يظهر له وجه لان الاستصحاب على تقدير حجية وإن لم يفد ما في نفس الامر لكن لا شك أنه يفيد الحكم بالنسبة إلى المكلف وإلا فما الفائدة فيه وهو ظاهر وحينئذ نقول إذا ثبت وجود الماء بالاستصحاب وكان هذا الوجود معتبرا شرعا فلا مرية في أنه يجب الطهارة به البتة عند التمكن من استعماله ضرورة وجوب الطهارة عند وجود الماء والتمكن من استعماله فلا معنى لوجوب التيمم حينئذ فإن قلت لا نسلم وجوب الطهارة عند وجود الماء الاستصحابي قلت هذا القول لا يجتمع مع حجية الاستصحاب في الأمور الخارجة شرعا وهو ظاهر بل هو في الحقيقة نفي لحجيته وأيضا فما الفائدة حينئذ في التمسك به إذ لو لم تجب الطهارة بالماء الاستصحابي قطعا فلأي شئ يتعرض له لان احتمال وجوب الطهارة يكفي فيه احتمال وجود الماء وهو غير متوقف على الاستصحاب وثالثا إن قوله الجمع بين الطهارتين يحصل اليقين إن أراد أنه يحصل اليقين بامتثال الطهارة المائية التي ثبت بالاستصحاب وجوبها ففساده ظاهر لعدم مدخلية التيمم فيه قطعا وإن أراد به إن ها هنا يقينا بالتكليف ولا ندري أنه تكليف بالطهارة المائية بناء على بقاء الماء المطلق أو الترابية بناء على انقلابه لان كلا منهما مشتبه في نظرنا فيجب الاتيان بهما جميعا ليحصل اليقين بالبراءة ففيه بعد تسليم وجوب تحصيل اليقين في مثل هذه الصورة إنه لا حاجة حينئذ إلى الاستصحاب لان بناء الحكم على ما عرفت على احتمال وجود المطلق وهو غير محتاج إليه وهو ظاهر وبالجملة كلامه (ره) مضطرب جدا وأما في كلام صاحب المدارك (ره) فنقول في جوابه إن الماء الذي يجب استعماله في الطهارة هو الماء المطلق الواقعي بناء على أن الألفاظ موضوعة للمعاني النفس الامرية من غير دخول العلم والظن فيها
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336