مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ١٧٩
مع غسل تلك اللمعة لان الترتيب سقط في حقه وقد غسل أكثر بدنه فأجزأه لقول أبي عبد الله (عليه السلام) فما جرى عليه الماء فقد أجزأه انتهى ولا يخفى أن سقوط الترتيب في حقه لادخل له في عدم وجوب الإعادة لان الكلام في أن الواجب غسل جميع الأعضاء دفعة واحدة ولم يتحقق وما ذكره أيضا من غسل أكثر البدن لا وجه له ويمكن أن يقال أن مرده من سقوط الترتيب في حقه دفع الاحتمال الأخير ومما ذكره من غسل أكثر البدن غسل ما يصدق معه عرفا أنه ارتمس ارتماسة واحدة كما سبق وأما ما ذكره من قوله (عليه السلام) فلا دلالة له لأنه في سياق الترتيب وقس عليه نظيريه المنقولين آنفا والأولى الاستدلال عليه بثاني الخبرين المذكورين وخبر هارون بن حمزة العنوي وخبر إسحاق بن عمار وخبر زرارة المتقدمة في بحث الغسل بصاع وقد يناقش فيها أيضا بجواز حملها على المرتب لتعارف الترتيب وشيوعه في عهدهم (عليه السلام) والحاصل أن المسألة لا يخلو من إشكال إذ لا ظن يعتد به بظهور خبر الارتماس دفعة واحدة في وجوب غسل جميع الأعضاء دفعة حتى الجزء الصغير جدا وكذا لا ظن بشمول هذين الخبرين للارتماس أيضا لكن لما كان غاية الأمر الشك في الحكم فلا يبعد الاكتفاء بالقدر المتيقن وهو غسل اللمعة فقط كما مر غير مرة لكن الاحتياط في الإعادة والتفصيل الذي ذكره الشارح المحقق (ره) نظر إلى أنه مع عدم الفصل الكثير تصدق عليه الوحدة العرفية فيكون غسلها فقط مجزيا ومع وجوده لا تصدق فلا يكون مجزيا وأنت خبير بأنه إنما يصح لو لم يخرج المغتسل من الماء ويكون تحته و أما إذا خرج فلا لأنه إما أن يسلم دلالة الخبر على وجوب غسل جميع الأعضاء في الارتماسة الواحدة أو لا فإن لم يسلم فلا فرق في الاجزاء بين الصورتين وإن سلم فلا يخفى إنه عند الخروج وإن لم يقع فصل كثير لم يصدق على غسل اللمعة أنه وقع في الارتماسة الواحدة ولو سلم فإنما يسلم إذا أرمسها أيضا في الماء وأما إذا مسحها أو صب الماء عليها كما يفهم من إطلاق كلامه جوازهما أيضا فلا فتدبر وأما الاحتمال الأخير فكان بناء على أن الارتماس يترتب حكما كما سبق في بيان فايدة تلك المسألة وقد عرفت ضعف المبنى (ولو أحدث في أثنائه أعاد على الأقوى) الحدث المتخلل إما أن يكون أصغرا أو أكبرا فإن كان أصغر فقد اختلف الأصحاب فيه على أقوال فالشيخ في النهاية وظاهر المبسوط على إعادة الغسل ونقل الصدوق أيضا في الفقيه عن أبيه وبه قال العلامة في جملة من كتبه والشهيد الثاني من المتأخرين وذهب ابن البراج إلى أنه يتم الغسل ولا وضوء عليه واختاره ابن إدريس ومن المتأخرين المحقق الثاني (ره) وحكم السيد المرتضى (ره) بالاتمام والوضوء واختاره المحقق (ره) في المعتبر ومن المتأخرين الفاضل الأردبيلي وصاحب المدارك رحمهما الله وخير المذاهب أوسطها احتج العلامة في المختلف على وجوب الإعادة بقوله لنا أن الحدث الأصغر ناقض للطهارة لكمالها فلابعاضها أولى وإذا انتقض ما فعله وجب عليه إعادة الغسل لأنه جنب لم يرتفع حكم جنابته بغسل بعض أعضائه ولا أثر للحدث الأصغر مع الأكبر انتهى وفيه من الخلل ما لا يخفى لان الحدث الأصغر لو كان ناقضا للغسل بعد كماله لكان موجبا له هذا خلف وأيضا فرق بين بعد اكمال الغسل وقبله لان بعده قد ارتفع الحدث الأكبر فيؤثر الحدث الأصغر وأما قبله فلم يرتفع فلا أثر له كما اعترف به نفسه (ره) ولا يخفى أن الايراد الثالث لا يجتمع مع الأول إذ لو حمل النقض على النقض بالكلية فلا يرد إلا ما أورد أولا ولو حمل على النقض في الجملة أي نقض الاستباحة الحاصلة من الغسل باعتبار رفع الحدث الأصغر أيضا فلا يرد الأول فالأولى أن يستفسر ويورد الأول لو اختار الأول والثالث لو اختار الثاني والظاهر أن مراد العلامة (ره) من هذا الاستدلال إن الحدث الأصغر أي السبب ناقض للطهارة بكمالها في الجملة فيكون ناقضا لابعاضها بطريق الأولى ولا يمكن أن يكون نقضه باعتبار إيراثه الحدث الأصغر بمعنى الأثر حتى يكفي في رفعه الوضوء لأنه لا يجتمع مع الحدث الأكبر وهاهنا الحدث الأكبر متحقق البتة لأنه لا يرتفع بغسل بعض الأعضاء فيكون نقضه باعتبار إبطال حكم ذلك البعض وإذا بطل حكمه فيجب الغسل بتمامه والذي يدل على أن مراده (ره) هذا قوله ولا أثر إلى آخره إذ لو لم يحمل على هذا لكان لغوا محضا بل مناقضا لما ذكره أولا من النقض وعلى هذا اندفع الايراد الأول والثالث جميعا نعم الايراد الثاني باق لم يندفع وأيضا يمكن الايراد عليه بمنع امتناع اجتماع الحدثين وما يستدل به عليه من أن الغسل فقط يبيح الصلاة وإن كان بعد الحدث الأصغر أيضا فهذا دليل على أن لا أثر له مع الحدث الأكبر وإلا لاحتاج إلى الوضوء ضعيف إذ لا دليل على انحصار رافع الحدث الأصغر في الوضوء لم لا يجوز أن يكون الغسل رافعا للحدثين معا ثم إن الشهيد الثاني (ره) قد تصدى لإقامة الدليل على هذا المطلب وتنقيحه وتحقيقه بحيث لا يرد عليه شئ وأطال الكلام بما حاصله أنه دلت الأدلة بل الاجماع على أن الاحداث المعدودة سبب لوجوب الطهارة سواء تعددت أم اتحدت وتداخلها مع اتفاقها أو دخول الأصغر تحت الأكبر في الجنابة مع فرض الاجتماع لا يوجب سقوط ما ثبت لها من السببية ودل عليه الدليل وانعقد الاجماع فالأصل فيها أن يكون كل واحد منها سببا تاما في سببيتها وعلى هذا فلا بد للحدث الواقع في أثناء الغسل من طهارة ترفع أثره وهو إما الوضوء أو الغسل بتمامه لان أجزاء الغسل كلا منها مؤثر ناقض في رفع الحدث الأكبر والأصغر معا على تقدير وجوب الأصغر قبل الغسل إذ لو أخل بلمعة يسيرة من بدنه لم يرتفع الحدث أصلا لكن الوضوء لا يمكن أن يكون رافعا هاهنا للاجماع على عدم مجامعة الوضوء الواجب لغسل الجنابة فيتعين أن يكون الرافع الغسل بتمامه فثبت المطلوب وفيه نظر أما أولا فلمنع ما ذكره من دلالة الأدلة بل الاجماع على أن الاحداث المعدودة سبب لوجوب الطهارة
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336