مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٣٠٥
الحكم سوى سلار وكأنه أيضا تسامح في العبارة وكيف كان الأقرب طهارته ولما جرت عادتهم بأفراد السمك من بين ما لا نفس له وتخصيصهم إياه ببحث على حده في مسئلتنا هذه لما فيه من بعض الأمور الذي ليس في غيره فنحن أيضا نقتفي أثرهم ونجعل الكلام بحثين بحثا في السمك وبحثا في غيره مما لا نفس له سائلة فنقول أما السمك فقد قال العلامة في المنتهى دم السمك طاهر وهو مذهب علمائنا لأنه ليس له نفس سائلة وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد قولان أحدهما التنجيس وهو قول أبي ثور لنا قوله تعالى أحل لكم صيد البحر وطعامه والتحليل يقتضي الإباحة من جميع الوجوه وذلك يستلزم الطهارة وقوله تعالى أو دما مسفوحا ودم السمك ليس بمسفوح فلا يكون محرما فلا يكون نجسا ولأنه لو كان نجسا لتوقفت إباحته على سفحه كالحيوان البري ولأنه لو ترك صار ماء احتجوا بقوله تعالى حرمت عليكم الميتة والدم لأنه دم مسفوح فدخل تحت قوله تعالى أو دما مسفوحا والجواب عن الآية الأولى إن المراد بالدم إنما هو المسفوح ويدل عليه التقييد في الآية الأخرى ولأن الميتة مقيدة به أيضا ولأنه ليس من ألفاظ العموم فيحمل على المسفوح توفيقا بين الأدلة وعن الثاني بالمنع من كونه مسفوحا والمراد منه ما له عرق يخرج الدم منه بقوة لا رشحا كالسمك انتهى كلامه ويرد على دليله الأول إن المتعارف من جل الصيد حل ما يعهد أكله منه كاللحم ونحوه لا الدم كما يقولون إن حرمت عليكم الميتة ليس مجملا لان المعهود حرمة أكلها ولو سلم شموله الدم أيضا فيعارض بالروايات الواردة في نجاسة الدم فإن بينه وبينها عموم من وجه وتخصيصها ليس بأولى من تخصيصه إلا أن يقال لا عموم في الروايات بل بعضها مخصوص بالرعاف ونحو وبعضها مطلق وغاية ما يستفاد من التعميم هيهنا بانضمام إن ترك الاستفصال والتقييد في روايات شتى يفيد العموم تعميمه للأفراد المتعارفة الشايعة وكان دم السمك ليس منها ولو سلم العموم مطلقا فنقول تخصيص الروايات أولا أما أولا فلقوة الكتاب وأما ثانيا فلموافقة الأصل وعلى دليله الثاني إن انحصار المحرم فيما ذكر إلى وقت نزول الآية لا يدل على انحصاره فيه بعده أيضا ولا دليل على أنها آخر الآيات نزولا بل الدليل على خلافه وعلى تقدير أن يكون آخر الآيات أيضا يمكن أن حرم شئ آخر بعدها لا من الآية وإن تمسك بأن الأصل العدم فليتمسك أولا بالأصل من دون حاجة إلى التمسك بالآية لكن قد ورد في روايتين صحيحتين التمسك بالآية نحو مما فيه وهو يؤيد صحة الاستدلال فإن صح كونهما من المعصوم فلعله باعتبار علمهم (عليهم السلام) بعدم ورود حكم بالحرمة بعدها أو كأنه (عليه السلام) ذكرها إرشادا للأمة إلى طريق الاستدلال بها تأييدا للأصل وتقوية له والله يعلم وأما دليله الثالث فقوي جدا إذ لو كان دمه نجسا لما أمكن أكل لحمه لأنه لا يخلو من دم وليس مما يذكى حتى يكون ما يخرج منه بالسفح نجسا وما بقي طاهرا ولو قيل يترك حتى يخرج جميع دمائه أو يصير ماء كما يشعر به دليله الاخر من أنه لو ترك يصير ماء ففيه أيضا أنه ليس بمعلوم أنه متى يصير كذلك مع أنه لا شك أنه يجوز أكل السمك بعد خروجه من الماء بلا فصل ميتا وحيا مطبوخا ونيا إلا أن يقال بأنه إذا خرج منه دم يحكم بنجاسة وإذا لم يخرج ولم يظهر فهو طاهر وإن كان في اللحم وكونه تحكما لا يبعد دفعه بأن الاحكام تابعة للأسماء فبعد الخروج لما يصدق عليه الدم فيكون داخلا تحت الحكم بالنجاسة وأما قبله فلا صدق فلا حكم فلا تحكم فتأمل وأما دليله الاخر فضعفه ظاهر وما أورد على حجتهم الأولى فيرد عليه إن وجوب التقييد بالمسفوح بناء على الآية الأخرى إنما يتم إذا ثبت أنها تقدمت عليها وأما إذا تأخرت فلا ولم يثبت فتأمل فيه وأيضا فيه كلام آخر سيجئ وتقيد الميتة لدليل لا يوجب التقييد في الدم وهو ظاهر ممنوع لا يخفى ما في قوله ولأنه ليس من ألفاظ العموم إلى أداء الحمل على المسفوح توفيقا بين الأدلة لا يبتني على كونه مطلقا لا من لفظ العموم إذ لو كان من ألفاظ العموم أيضا لكان الامر كذلك بعد ما يثبت المنافاة وبالجملة العمدة في إثبات الحكم الأصل وعدم دليل ظاهر مخرج عنه لما عرفت من عدم طهور الروايات في العموم بحيث يشمل دم الميتة والسمك وكذا الآية ولو فرض تأخيرها عن الآية الأخرى مع انضمامه بدعوى الاجماع من الأصحاب على ما نقلنا من الخلاف والمعتبر والمنتهى وقد يؤيد أيضا بما رواه التهذيب في باب تطهير الثياب عن السكوني عن جعفر عن أبيه أن عليا (عليه السلام) كان لا يرى بأسا بدم ما لا يزك ويكون في الثوب يصلي فيه الرجل يعنى دم السمك وهذا الخبر في الكافي أيضا في باب الثوب يصيبه الدم وفيه عن السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إن عليا صلوات الله عليه وآله كان الحديث وهذه الرواية مع ضعف سندها لا ظهور لها في الطهارة لجواز أن يكون نفي البأس باعتبار العفو ثم إن صاحب المعالم بعدما نقل دليلي العلامة من الآيتين قال والاستدلال بالآية الأولى محل تأمل وكأنه الذي أشرنا إليه ثم قال وأما الثانية ففي الاحتجاج بها قوة لظهور دلالتها على مثله واقتضاء التحليل الطهارة إلا أن التمسك بذلك يستدعي القول بحل دم السمك وظاهر كلام كثير من الأصحاب خلافه بل لا أعلم تصريحا بتحليله إلا في هذه العبارة أي عبارة المنتهى وفي نهايته ما يقرب منها ثم نقل من ابن زهرة والشهيد الثاني والقواعد ما يدل على عدم حلية ثم قال وبالجملة فعباراتهم ظاهرة في تخصيص التحليل بدم الذبيحة وتعميم التحريم في غير من الدماء ووقع التصريح بذلك أيضا في كلام بعضهم والتنصيص على تحريم دم السمك بالخصوص وليس لهم عليه حجة غير الاستحباب وهو موضع نظر وإذا لم يثبت تحريمه تكون الآية دليلا قويا على طهارته انتهى وقد عرفت الحال في تحريم دمه وكذا قوة دلالة الآية على طهارته وقد استدل أيضا في المختلف بأن أكل الدم المتخلف في عروق الحيوان المأكول اللحم سائغ وهو طاهر لا يجب غسل اللحم منه إجماعا لانتفاء المقتضي للتنجيس وهو السفح فيكون في السمك كذلك لوجود العلة وضعفه ظاهر لان كون العلة ذلك غير مسلم وبعد التسليم يجوز أن يكون العلة ذلك منضما إلى خصوصية غير السمك والحاصل إنه من باب القياس الغير المعمول به عندنا هذا وأما غير السمك كالبق والبراغيث والذباب ونحوه فقد
(٣٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336