مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٣١١
إن الله حرم الميتة من كل شئ وجه الاستدلال إن الظاهر أن قوله (عليه السلام) إن الله حرم الميتة من كل شئ علقه لما ذكره من الاستخفاف بالدين وحينئذ لا بد من حمل الحرمة على النجاسة أو ما يستلزمها ليصح التعليل وإلا فالحرمة بمجردها لا يوجب عدم أكل الزيت الذي مات فيه الفارة وإنما يوجب طرح الفارة وعدم الاكل منها والقول بأن عدم الاكل منه لعله لأجل إن أجزاء الفارة تخالطه وحينئذ التعليل بالحرمة مستقيم لأنه إذا كان الميتة حراما وكان يحتمل أن يكون أجزاؤه فاشية في الزيت فيجب أن لا يؤكل من الزيت من باب المقدمة فمع بعده إذ ليس كلما مات الفارة في الزيت نفش أجزاؤها فيه بل إنما يكون ذلك عند التفسخ فالحكم مطلقا بعدم الاكل منه من غير استفصال غير ملايم وأيضا لو كان العلة فشو أجزاء الفارة فيه لما احتيج إلى التعليل بحرمة الميتة لان أجزاء الفارة حرام سواء كانت حية أو ميتة ويؤيد حمل الحرمة على ما ذكرنا ما رواه التهذيب أيضا في باب الذبايح والأطعمة والكافي في باب ما يقطع من أليات الظأن عن الحسن بن علي قال سئلت أبا الحسن (عليه السلام) فقلت جعلت فداك إن أهل الجبل يثقل عندهم ليات الغنم فيقطعون لياتها فقال حرام هي قلت جعلت فداك فيصطبح بها فقال ألم تعلم إنه يصيب اليد والثوب وهو حرام إذ الظاهر أن الحرام ها هنا بمعنى النجس فظهر إنهم (عليهم السلام) قد يستعملون الحرام كذلك ومنها ما رواه التهذيب في آخر باب تطهير الثياب في الموثق عن عمار الساباطي في حديث طويل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سئل عن الكوز إلى أن قال وقال اغسل الاناء الذي يصيب فيه الجرد ميتا سبع مرات ومنها موثقة عمار ورواية حفص ومرفوعة محمد بن يحيى في بحث سؤر الوزغة الدالة على فساد الماء بوقوع ماله نفس سائلة هذا ما وجدنا من الأخبار الواردة في هذا الباب وأنت خبير بأن بعد ورود تلك الروايات الكثيرة مع صحة بعضها وتعليق الحكم في كثير منها على مطلق الميتة والجيفة وفي بعضها على مطلق الدابة الظاهر بقرينة المقام إن المراد منها ما يدب على الأرض لا ذات القوائم الأربع من دون تخصيص وتقييد في موضع من المواضع بشئ التوقف في عموم الحكم مما لا وجه له سيما على رأي المحقق وصاحب المعالم من أن المفرد المحلى باللام يفيد العموم في كلام الحكيم إذا لم يكن عهد وليس في الميتة أيضا أفراد متعارفة وغير متعارفة حتى يحمل على الافراد المتعارفة ومع ذلك كان في بعض الروايات أداة العموم أيضا كرواية جابر وبالجملة لا يقصر في نظري إفادة تلك الروايات المتكثرة للعموم من إفادة ما فيه أداة العموم له أصلا وكذا يبعد النزاع في أن من الروايات لا يستنبط النجاسة إذ استنباط النجاسة في ساير ما يستنبط ليس بأزيد من ذلك كيف وإذا ورد الحكم بعدم شرب ماء غيرته الجيفة وعدم التوضؤ منه وإراقة ما وقع فيه الفارة مثلا وعدم الاكل منه وغسل الثوب وغيره مما لاقى الميتة وعدم الاكل فيما أكل فيه الميتة فما معنى النجاسة المرادة سوى ذلك ولو نوزع في دلالة الأمر والنهي على الوجوب والحرمة فهذا أيضا نزاع سهل إذ بعد ورود الأوامر والنواهي الكثيرة بشئ وعن شئ في مواضع متعدد ومسائل متكثرة من دون وقوع رخصة في الترك أو الفعل في موضع ومسألة يحصل الظن القوي بأن المراد الوجوب والحرمة سيما إذا لم يظهر بين الأصحاب خلاف فيه فإن قلت فقد رجعت أيضا أخرا إلى التمسك بالاجماع قلت ليس كذلك فإن ما ذكرنا من باب العلاوة وأيضا لا يلزمنا مؤنة دعوى الاجماع وإثباته مع ما فيه من الاشكالات والايرادات بل يكفينا في هذا المقام ادعاء الشهرة وعدم ظهور خلاف بين الأصحاب وظاهر إن هذا الامر ظاهر لا إشكال في إثباته ولا ندعي حجية مثل هذه الشهرة حتى يمنع بل ندعي إن مثل هذه الشهرة قرينة طاهرة على أن الأوامر والنواهي على الوجوب والحرمة والحاصل إن الحكم في غاية الظهور سيما مع انضمام الاجماع الذي ادعاه الأصحاب ثم لا يخفى أن الشيخ في الخلاف لم يقل بنجاسة ميتة الحيوان المائي فدعوى الاجماع منهم أما بناء على عدم اعتدادهم بخلاف الشيخ من حيث معلومية النسب على ما هو رأيهم أو باعتبار أنهم يدعون تحقق الاجماع قبله أو بعده أو أطلقوا القول اعتمادا على ظهور الخلاف في الحيوان المائي فيعلم بالقرينة أن مرادهم الاجماع في غير الحيوان المائي وسنتكلم إنشاء الله تعالى في هذا الخلاف هذا وأما ما رواه التهذيب في باب تطهير الثياب والاستبصار في باب الثوب يصيب جسد الميت في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) قال سئلته عن الرجل يقع ثوبه على حمار ميت هل يصح له الصلاة فيه قبل أن يغسله قال ليس عليه غسله وليصل فيه ولا بأس فيحمل على حال يبوسة الثوب والحمار وهو حمل طاهر من دون تكلف وأيضا الغالب وقوع الملاقاة مع الشعر وهو ليس بنجس وحمله الشيخ في التهذيب والاستبصار على أنه إذا أتى على ذلك سنة فصار عظما فإنه لا يجب غسل الثوب منه وأيده بما رواه فيهما عن إسماعيل الجعفي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سألته عن مس عظم الميت قال إذا جاز سنه فلا بأس به وأنت خبير يبعد هذا الحمل ولعل الباعث له على ارتكاب مثل ذلك التأويل البعيد إنه يقول بسراية نجاسة الميت رطبا ويابسا وسيجئ الكلام فيه إنشاء الله تعالى وما رواه أيضا الكتابان متصلا بما ذكر في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال سئلته عن الرجل وقع ثوبه على كل ميت قال ينضحه و يصلي فيه ولا بأس فهو أيضا يحمل على حال اليبوسة إن لم نقل بأن النضح مطهرا أيضا وإلا فلا حاجة إليه لأنه حينئذ لا منافاة بين ما في هذا الخبر وما دل على نجاسة الميتة والشيخ (ره) في الاستبصار ارتكب تكلفا بعيدا حيث أراد جمع هذا الخبر مع حسنة الحلبي المنقولة آنفا الحاكمة بغسل ما أصاب الثوب جسد الميت فقال إن حسنة الحلبي مخصوصة بميت الانسان ويجب الغسل فيه لما أصابه وأما الكلب فحكمه حيا وميتا سواء في نضح الماء على الثوب الذي أصابه إذا كان جافا وجه التكلف بعد تخصيص الميت في حسنة الحلبي بالانسان من دون قرينة اللهم إلا التعارف أنه لا يخلوا اما أن يقيد الحكم في الحسنة بالرطوبة أو يعمها واليبوسة أيضا وعلى الثاني
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336