مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٢٣٢
إن القصد إلى مجرد الارتماس أو الارتماس للغسل ورجح بعض الأصحاب لوقوعه فيها ومباشرته لمائها وإن لم يرتمس ولم يغتسل ولنذكر أولا الروايات الواردة في هذا الباب المتضمنة لوجوب نزح السبع ثم نشتغل بذكر ما يتعلق بها فالروايات أربع صحيحة الحلبي المتقدمة في بحث وقوع الخمر المتضمنة لنزح السبع لوقوع الجنب في البئر وصحيحة ابن سنان المتقدمة في ذلك البحث أيضا المتضمنة لنزول الجنب وصحيحة محمد بن مسلم المروية في التهذيب في باب تطهير المياه بطريقين صحيحين عنه عن أحدهما (عليهما السلام) إذا دخل الجنب البئر نزح منها سبع دلاء ورواية أبي بصير المتقدمة في بحث وقوع العذرة المتضمنة للسؤال عن اغتسال الجنب فيها وأمره (عليه السلام) بوجوب السبع وإذ قد تقدم هذا فنقول لا خفاء في نزح السبع وجوبا أو استحبابا على الرأيين للروايات المعتبرة مع عدم معارض وأما كونه لأي معنى من المعاني الثلاثة فأنت خبير بأنه لا يفهم من الروايات الارتماس أصلا وابن إدريس إنما تمسك بوقوع الاجماع عليه دون غيره وأنكره المحقق في المعتبر فعلى هذا لا عبره به وأما الاغتسال فهو أيضا لا يفهم ظاهرا من الروايات الظاهرة بالنظر إلى إطلاق الثلاث الأول خلافه والمشترطون للاغتسال تمسكوا بأن رواية أبي بصير مقيدة والباقي مطلق فيحمل عليها وفيه أنه لا منافاة حتى يجب الحمل إذ يجوزان يجب السبع للوقوع والاغتسال جميعا فإن قلت ليس المراد أنه مما يجب فيه حمل المطلق على المقيد حتى يشترط المنافاة بل إن التقييد بالاغتسال قرينة على أن المراد في الروايات الأخرى من الوقوع والنزول والدخول الاغتسال مع أن له ظهورا في الجملة أيضا بحسب العرف سيما مع تأييده بالأصل قلت هذا لا يصلح قرينة أيضا لان التقييد بالاغتسال ليس في كلامه (عليه السلام) بل السايل إنما سئل عن الاغتسال وأجاب (عليه السلام) بنزح السبع فيجوز أن يكون أمره (عليه السلام) بالنزح فيه لأنه من أحد أفراد الوقوع وهو ظاهر إن الرواية غير نقي السند وما ذكرته من ظهور الدلالة بحسب العرف ممنوع والتأييد بالأصل لا وجه له بعد ورود الروايات الصحيحة بخلافه إلا أن يقال لما لم يشتهر العمل بإطلاقها بين الأصحاب فذلك شك عظيم في تعيين معناها و قد عرفت الحال عند حصول الشك في معنى التكليف مرارا من احتمال الاكتفاء بالقدر المتيقن المظنون وقد يتمسك أيضا بأنه لو لم يحمل على الاغتسال فلا وجه للنزح لأن المفروض إن بدنه خال عن النجاسة العينية منيا أو كان غيره أما الغير فلا خفاء فيه وأما المني فلان للمني يجب نزح الجميع فلا معنى لايجاب السبع فظهر أن إيجاب النزح ليس للنجاسة بل لزوال الطهورية الحاصلة من الاغتسال فقد ظهر اشتراطه وقد اعترض أولا بأن خلو بدنه عن النجاسة ممنوع لجواز أن تكون الروايات محمولة على الغالب من عدم انفكاك بدنه عن المني ووجوب نزح الجميع له ممنوع لما عرفت في بابه من عدم نص فيه وقد اعترف به الشيخ أبو علي ابن الشيخ (ره) وفيه بعد لعدم ظهور قايل به من الأصحاب وإطلاق الروايات من غير قرينة ظاهرة على التقييد مع شهرة وجوب نزح الجميع للمني وثانيا بأن حصر تنجيس البئر في النجاسات العينية ممنوع لجواز أن يكون بدن الجنب أيضا مما ينجسها فإن الذي نجس غيرها بهذه الأشياء هو الذي نجسها بهذا الشئ مع أن البئر قد اشتمل على أحكام مختلفة من اختلاف المتفقات واتفاق المختلفات وفيه أيضا بعد لان العدول عن الأصول الموضوعة والقواعد المسلمة بمجرد الاحتمال من غير نص صريح في غاية الاشكال وثالثا بأن حصر سبب النزح في زوال الطهارة والطهورية ممنوع لجواز أن يكون لزوال النفرة أو غيره كما في النزح للوزغة ونحوها وبالجملة العقل لا سبيل له إلى هذه الأمور وهو جيد ورابعا بأن وجوب النزح لزوال الطهورية مما لا يكاد يصح لان صحيحة ابن أبي يعفور المتقدمة في بحث نجاسة البئر المتضمنة لنهي الجنب عن الوقوع في البئر وإفساد مائها على القوم مما يدل على حرمة الاغتسال فيكون فاسدا لان النهي في العبادة مستلزم للفساد وعند فساده لا يصير ماء البئر مستعملا زايلا عنه حكم الطهورية لان الاستعمال إنما يتحقق بعد صحة الاغتسال ويعترض عليه بأن النهي لا يدل على الفساد مع أن النهي ليس عن الاغتسال بل عن الوقوع في البئر وإفساد الماء فيجوز أن يكون المراد بالوقوع النزول ويكون النهي عنه لخوف الضرر على النفس ويكون المراد بالافساد الافساد الذي يحصل من إثارة التراب ونحوه بسبب النزول على أن ظهوره في الحرمة أيضا ممنوع هذا وبما ذكرنا ظهر أن القول بالنزح بمجرد الوقوع لا يخلو من وجه ثم أنه استشكل في أن سبب النزح ماذا ولا يخفى أنه على القول باشتراط وجود المني كما مال إليه صاحب المعالم واحتمله العلامة أيضا لا إشكال لان سببه النجاسة وأما على اشتراط الخلو عن النجاسة مطلقا فلا يخلو أما أن يشترط الاغتسال أم لا فإن لم يشترط الاغتسال فيشكل الامر فتارة يقولون إن النجاسة الحكمية التي في بدن الجنب بنجسها كما ذكرنا فالنزح لزوال النجاسة وفيه ما تقدم وأيضا يلزم أن يكون ماء البئر أسوء حالا من القليل والمصاف إذ هما لا ينجسان بها إجماعا وفيه من البعد ما لا يخفى وأنت خبير بأن هذا الوجه لو كان على سبيل الاحتمال فليس ببعيد وإن كان على سبيل الجزم ويفرع عليه الحكم بالنجاسة فالامر كما ذكرنا وتارة يقولون أن النزح لزوال النفرة أو غيره مما لم يصل إليه عقولنا وليس ببعيد وإن اشتراط الاغتسال فقد يعلل بزوال الطهورية ويرد عليه أولا ما ذكرنا من حديث النهي عن الاغتسال وقد عرفت ما فيه واعترض عليه أيضا بوجوه أخر الأول ما أورد الشهيد الثاني في شرح الارشاد من منع إن النهي عن العبادة بل عن الوقوع في الماء وإفساده وهو إنما يتحقق بعد الحكم بطهر الجنب لا بمجرد دخوله في البئر فلا يضر هذا النهي لتأخره وعدم كونه عن نفس العبادة إلا أن يقال الوسيلة إلى المحرم محرمة وإن كانت قبل زمانه
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336