منتهى المطلب (ط.ق) - العلامة الحلي - ج ١ - الصفحة ٧
قدر كر لم ينجسه شئ وفي رواية لم يحمل خبيثا. ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ والأصل الطهارة خرج ما دون الكر بما نذكره فيبقى الباقي على الأصل إلى أن يظهر مناف ولان الاجماع واقع على التقدير والقول بالقلتين باطل. أما {أولا} فللمنع من الحديث الذي استدل به الشافعي وهو قوله (عليه السلام): إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا. فإن الحنفية قد طعنوا فيه حتى قالوا انه مدني فلو كان صحيحا لعرفه مالك. وأما {ثانيا} فلان القلة مجهولة ولقد فسرها أهل اللغة بالجرة وهي أيضا مجهولة فالحوالة فيما يعم به البلوى وما يمر الحاجة إليه على مثل هذا الخفي مناف للحكم فإن ابن دريد قال: القلة من قلل الهجر عظيمة يسع خمس قرب فلا يكون منافيا لما ذهبا إليه من الكر. والقول بمذهب أبي حنيفة باطل لأنه تقدير غير شرعي ولأنه مجهول فإن الحركة قابلة للشدة والضعف والتعليق للطهارة والنجاسة بذلك إحالة على ما لا يعلم والتقدير بعشرة أذرع مجرد استحسان من غير دليل مع أن الحديث الصحيح عندهم يبطل ذلك كله وهو أن النبي صلى الله عليه وآله أتاه الماء فقالوا إن حياضنا يرده السباع والكلاب والبهائم قال لها ما أخذت بأفواهها ولنا ما عين والحوض غالبا يتحرك طرفا بحركة بعضه ولا يبلغ هذا التقدير. ولان التقدير بالحركة يؤدي إلى الحكم بالطهارة والنجاسة في ماء واحد على تقدير اختلاف أوضاعه وهو محال.
احتج أبو حنيفة بقوله (عليه السلام): لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسلن فيه من جنابة إذا أراد بالدائم ا لواقف فلو لم يكن البول مؤثرا في تنجيسه لم يكن للنهي فائدة. والجواب من وجهين الأول: إنا نحمله على القليل جمعا بين الأدلة، الثاني: المنع من حصر الفوائد فيما ذكرتم فإنه قد نهى من البول في الجاري والنهي فيما نهى تنزيه لا يقال بتبعض ما ذكرتموه بما رواه الشيخ عن عبد الله بن المغيرة عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إذا كان الماء قدر قلتين لم ينجسه شئ و (إنما) القلتان جرتان. وبما رواه في الصحيح عن صفوان قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الحياض التي من مكة إلى المدينة تردها السباع ويلغ فيها الكلب ويشرب فيها الحمير ويغتسل منها الخبيث ويتوضأ منه فقال وكم قدر الماء قلت إلى نصف الساق وإلى الركبة فقال توضأ فيه. لأنا نجيب عن الأول بأنه مرسل ولأنه مناف لعمل الأصحاب ولا نه ورد للتقية ولأنه يحتمل أن يكون القلة تسعا وستمائة رطل وقد ذكرناه. وعن الثاني: بأنه مناف لاجماع المسلمين لان القائل بالتقدير لم يقدره بذلك وأيضا فيحتمل أن الامام فهم من ذلك بلوغ الماء قدر كر جمعا بين الأدلة. مسألة: اختلف الرواية في كمية الكر فالمشهور بين الأصحاب ما رواه ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الكر من الماء الذي لا ينجسه شئ ألف ومائتا رطل وهي حسنة عمل عليها الأصحاب لكن اختلف الأصحاب في تعين (تعيين) الرطل قال الشيخ والمفيد إنه عراقي وقدره مئة وثلاثون درهما وقال المرتضى وابن بابويه: مدني قدره مئة وخمسة وتسعون درهما وروى الشيخ في الصحيح عن إسماعيل بن جابر قال قلت لا بي عبد الله (عليه السلام): الذي لا ينجسه شئ قال ذراعان عمقه في ذراع وشبر سعته وناول الشيخ على احتمال بلوغ الأرطال وهو حسن لأنه لم يعتبر أحد من أصحابنا هذا المقدار وروى في الصحيح عن إسماعيل بن جابر قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الماء الذي لا ينجسه شئ قال كر قلت وما الكر قال ثلاثة أشبار في ثلاثة أشبار وكذا ذكر قريب وكذا في المختلف أيضا في ثلاثة أشبار وهي مدفوعة بمخالفة الأصحاب لها إلا ابن بابويه ذكر أن الكر ثلاثة أشبار طولا في عرض في عمق ولعله تعويل على هذه الرواية وهي قاصرة عن إفادة مطلوبة وروى الشيخ عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الكر من الماء كم يكون قدره قال إذا كان الماء ثلاثة أشبار ونصفا في ثلاثة أشبار ونصف في عمقه في الأرض فذلك الكر من الماء وهذه الرواية عمل عليها أكثر الأصحاب إلا أن في طريقها عثمان بن عيسى وهو واقفي لكن الشهرة يعضدها. وروى الشيخ عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال الكر ستمائة رطل وناولها الشيخ باحتمال كون الأرطال ضعف العراقي وهو يقوي ما فسره الشيخ في الرطل وروى الشيخ عن عبد الله بن المغيرة عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال الكر من الماء نحو حبي هذا وأشار إلى حب من تلك الحباب التي يكون بالمدينة فلا يمتنع أن يكون الحب تسع مقدار الكر وروى الشيخ في الصحيح عن زرارة قال إذا كان الماء أكثر من راوية لم ينجسه شئ وليس بمناف لما أصلناه لتعليق الحكم على الزيادة فيحمل على بلوغ المقدر جمعا بين الأدلة وروى محمد بن يعقوب عن الحسن بن الصالح الثوري عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الكر ثلاثة أشبار ونصف عمقها في ثلاثة أشبار ونصف عرضها وليس يحضرني الآن حال الحسن بن صالح بن حي فإنه قدر الكر بثلاثة آلاف رطل وهو مدفوع بما قدمناه من الأحاديث وبالإجماع فإن أحدا لم يقدره بذلك. فروع: [الأول] الاعتبار في الأشبار إنما هو بالغالب لا بالنادر لان إحالة الشرع في ذلك إنما هو على المتعارف. [الثاني] التقدير الذي ذكرناه تحقيق لا تقريب لأنه تقدير شرعي تعلق به حكم شرعي فيناط به ومجموعه تكثيرا اثنان وأربعون شبرا وسبعة أثمان وقال القطب الراوندي: مجموعه عشرة أشبار ونصف لان المراد ليس هو الضرب، أما الشافعي: فقد اختلف أصحابه في الرواية عنه فقال قوم إنه تحقيق وآخرون إنه تقريب وعن الحنابلة وجهان.
[الثالث] إذا وقعت النجاسة المايعة في المقدر الذي لا يقبل التنجيس ولم يغيره جاز استعمال جميعه وهو قول أكثر الشافعية خلافا لبعضهم لان البلوغ موجب لعدم التأثير فيسقط حكم اعتبار النجاسة ولان النجاسة شائعة في أجزاء الماء فتخصيص الباقي المساوي بالمنع ترجيح من غير مرجح وهذا التقدير سار في كل واقف سواء كان محبوبا في الله أو غيرهما وإن كانت النجاسة مميزة جاز استعمال الماء المجاور لها ولا يجب التباعد حدا للكثير
(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الخطبة 2
2 في بيان المقدمات 2
3 في المياه وما يتعلق بها 4
4 في الوضوء وموجباته واحكامه 31
5 في أفعال الوضوء وكيفيته 54
6 في احكام الوضوء وتوابعه و لواحقه 74
7 في موجبات الغسل وأنواعه 78
8 في كيفية الغسل و احكامه 83
9 في احكام الحيض وكيفياته 95
10 في بيان احكام المستحاضة 119
11 في بيان احكام النفاس 122
12 في بيان غسل مس الأموات 127
13 في الأغسال المندوبة 128
14 في احكام النجاسات 159
15 في احكام الأواني 185
16 في الجلود 191
17 كتاب الصلاة 193
18 في اعداد الصلاة 194
19 في المواقيت 198
20 في احكام المواقيت 209
21 في القبلة 217
22 في لباس المصلي 225
23 في ستر العورة 235
24 في مكان المصلي 241
25 في ما يجوز السجود عليه 250
26 في الأذان والإقامة 253
27 في القيام 264
28 في النية 266
29 في التكبير 267
30 في القراءة 270
31 في الركوع 281
32 في السجود 286
33 في التشهد 292
34 في التسليم 295
35 في القنوت 298
36 في التعقيبات 301
37 في قواطع الصلاة 306
38 في صلاة الجمعة 316
39 في صلاة العيدين 339
40 في صلاة الكسوف 349
41 في صلاة الاستسقاء 354
42 في نافلة رمضان 357
43 في الصلوات المندوبة 359
44 في صلاة الجماعة 363
45 فيما يتعلق بالمساجد 386
46 في صلاة المسافر 389
47 في صلاة الخوف والتطريق 401
48 في عدم سقوط الصلاة على كل حال 406
49 في الخلل 408
50 في القضاء 420
51 في احكام الجنائز 425
52 في تغسيل الميت 427
53 في التكفين 437
54 في صلاة الجنائز 443
55 في الدفن 459
56 فيما ورد بعد الدفن 465
57 في فضل الزكاة ومن تجب عليه 470
58 فيمن تجب الزكاة عليه 471
59 فيما يجب فيه الزكاة 473
60 فيما يستحب فيه الزكاة 506
61 في وقت الوجوب 510
62 في المتولي للاخراج 514
63 في مستحق الزكاة 517
64 في احكام الزكاة 526
65 في زكاة الفطرة 531
66 في الصدقات المستحبة المستحبة 542
67 فيما يجب فيه الخمس 544
68 في النصاب 549
69 في بيان سهام الخمس 550
70 في الأنفال 553