حاشية الدسوقي - الدسوقي - ج ٣ - الصفحة ٣١٩
وأعلم أنه كما يجوز صلح المجروح عن جرح العمد يجوز صلحه عنه وعما يؤول من الموت على ما قال ابن حبيب. واختاره ابن رشد قائلا أن المقتول إذا جاز له أن يعفو عن قاتله مجانا جاز له أن يصالح بالأولى خلافا لما رواه عيسى من المنع، وهذا كله إذ أكان الجرح مما يقتص من أجله كقطع يد، وأما لو كان مما لا قصاص فيه بأن كان من المتالف الأربع كالجائفة والآمة والفرض أنه عمد فلا يجوز الصلح عنه وعما يؤول إليه من النفس لأنه لا يدري يوم الصلح ما يجب عليه ويفسخ إن وقع وإذا برئ فالأرش وإن مات فالدية على العاقلة بقسامة وأما الصلح عنه وعما يؤول إليه من الزيادة ففيه قولان: أرجحهما الجواز إذا كان في الجرح شئ مقرر، فإن لم يكن فيه شئ مقرر فلا يجوز الصلح على أرشه إلا بعد البرء فإن وقع الصلح عنه وعما يؤول إليه من الزيادة قبل البرء كان الصلح باطلا. قوله: (لا له) كان الأولى لا للقاطع لأنه لم يتقدم للضمير مرجع فكان الاظهار أولى. قوله: (وإنما قسموا) أي ولم يقتلوا الجاني من غير قسامة.
قوله: (لتراخي الخ) أي فيحتمل أن الموت من غير الجرح. قوله: (كما لو صولح المجروح خطأ) أي عن الجرح فقط أي وأما لو وقع الصلح عن الجرح خطأ وعما يؤول إليه من النفس فإنه يمنع كالعمد. قوله: (ويقسمون ويأخذون الدية) علم من هذا أن قول المصنف كأخذهم الدية أي في آخرة الامر والمعنى حينئذ كما أن لأولياء المجروح أن يأخذوا الدية كاملة بعد القسامة في جرح الخطأ الذي وقع فيه الصلح على الجرح ثم نرى فمات المجروح منه. وأعلم أنه يجوز الصلح عن جرح الخطأ وأما الصلح عما يؤول إليه فهو فاسد ولو بلغ ثلث الدية على الأقوى. قوله: (وأما طرو المرض على الجرح) أي العمد ومات المجروح وقوله وأن فيه خلافا أي فقيل يقتص من الجاني بقسامة وقيل عليه نصف دية بلا قسامة. قوله: (أي فيه) أشار إلى أن من للظرفية إن مات في زمن مرضه لا للسببية لأنه إذا تحقق أن موته من مرضه لم يتأت التأويلان من كونه صالح عن الجرح لا عما يؤول إليه أو صالح عنهما معا لان الجرح لم يؤل لشئ وعلى تسليم جريانهما بمعنى أنه وقع الصلح عن الجرح وعما يؤول إليه على فرض الأول فلا معنى لاعتماد التأويل الثاني دون الأول. قوله: (جاز ولزم) أي لان للمريض المقتول أن يعفو عن دم العمد في حال مرضه وإن لم يترك مالا فله أن يصالح عنه بما شاء بالأولى. قوله: (تأويلان) قال أبو الحسن عياض تأولها غير واحد على أن الصلح على الجرح دون ما يؤول إليه من النفس وتأولها ابن القصار على الجرج وما تناهى إليه. قوله: (وعليه الخ) حاصل ما في المقام كما في ح وعج وغيرهما أنه إذا وقع الصلح على الجرح فقط جاز على كل من التأويلين فأمات من مرضه لزم الصلح الورثة، وإن نزى فمات فالحكم ما تقدم في المسألة الأولى من أن للورثة رد الصلح والقتل بقسامة ولا يقال الصلح لازم للورثة في هذه الحالة لان الصلح على الجرح فقط فكيف يلزم فيما آل إليه مع أنه خلاف ما وقع عليه الصلح وإن صالح عليه وعلى ما يؤول إليه فعلى التأويل الثاني الصلح باطل، ويعمل بمقتضى الحكم لو لم يكن صلح من أن للأولياء القسامة والقصاص وعلى التأويل الأول يلزم الصلح وإن نزى فمات منه فلا كلام للأولياء. قوله: (فيأخذ ما ينوبه ولو صالح بقليل) ولا يرجع على الجاني واحد منهما بشئ والذي في ح ما نصه فللآخر أن يدخل معه فيما صالح به بأن يأخذ نصيبه من القاتل على حسب دية العمد ويضمه إلى ما صالح به
(٣١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 ... » »»
الفهرست