3 - استنتاج النظرية من البناء العلوي:
والآن بعد أن استعرضنا أوجه الفرق بين النظريتين الإسلامية والماركسية كما نتصورها ونفترضها، يمكننا أن نضع أصابعنا بتحديد على أدلة هذه الفروق ومبرراتها من البناء العلوي الذي قدمناه، كما هي طريقتنا في اكتشاف النظرية من صرحها التشريعي الفوقي.
إن كل الفقرات التي سبقت في البناء العلوي تشترك في ظاهرة واحدة وهي: أن المادة التي تدخل في علمية الإنتاج ملك لفرد معين قبل ذلك، ولأجل هذا تؤكد الفقرات جميعا على بقاء المادة بعد تطويرها في عملية الإنتاج ملكا لصاحبها السابق.
فالسلعة التي يدفعها صاحبها إلى أجير لكي يعمل فيها ويطورها في الفقرة الأولى تظل ملكا له وليس للأجير أن يملكها بسبب علمه وان طورها وخلق فيها قيمة جديدة، لأنها مملوكة بملكية سابقة.
والعامل الذي يغتصب أرض غيره فيزرعها ببذره ويمتلك الزرع الناتج كما نصت عليه الفقرة الثالثة، ولا نصيب لصاحب الأرض في الزرع، وذلك لأن الزارع هو المالك للبذر والبذر هو العنصر الأساسي من المادة التي تطورت خلال الإنتاج الزراعي إلى زرع. وأما الأرض فهي بوصفها قوة مادية مساهمة في الإنتاج تعتبر في النظرية الإسلامية خادمة للانسان الزارع، فعليه مكافأتها - أي مكافأة صاحبها - فالإسلام يفرق إذن بين البذر والأرض أن كلا منهما رأس مال بالمغني الاقتصادي وقوة مادية مساهمة في الإنتاج، الخام التي يمارسها الإنتاج ويطورها إنما يملك تلك المادية بعد تطويرها لأنها في عملية الإنتاج، وإلا ميز الإسلام بين البذر والأرض وحرم صاحب الأرض من ملكية الزرع بينما منحها لصاحب البذر، بالرغم من اشتراك البذر والأرض في