العمل وحقوقه، ليتوقف على تحديد الجانب الثالث من النظرية الذي يشرح الأساس العام لتقييم العمل في النظرية ولكي نحدد هذا الجانب، يجب أن نجمع تلك الأحكام المختلفة بشأن العمل وحقوقه، التي أثارات هذه الأسئلة ونضيف إليها سائر الاحكام المماثلة التي تشابها، ونكون منها بناء علويا نصل عن طريقه إلى تحديد معالم النظرية، بوضوح، لأن مجموعة هذه الأحكام المختلفة تعكس في الحقيقة المعالم المحددة للنظرية، وسوف ننجز ذلك كله الآن.
3 - تقييم العمل في النظرية البناء العلوي:
1 - إذا مارس الفرد أرضا ميته فأحياها كان له الحق فيها، وعليه طسقها، يؤديه إلى الإمام ما لم يعف عنه، كما جاء في مبسوط الشيخ الطوسي في كتاب الجهاد (1)، وقفا للنصوص الصحيحة الدالة على: أن من أحيى أرضا فهو أحق بها وعليه طسقها، وبموجب الحق الذي يكسبه، لا يجوز لآخر انتزاع الأرض منه ما دام قائما بحقها، بالرغم من أنه لا يملك رقبة الأرض نفسها.
2 - إذا مارس الفرد أرضا عامرة بطبيعتها، فزرعها واستغلها، كان من حقه الاحتفاظ بها، ومنع الآخرين من مزاحمته في ذلك ما دام يمارس انتفاعه بالأرض، ولا يحصل على حق أوسع من ذلك، يخوله احتكارها الحق الناتج عن استثمار أرض عامرة بطبيعتها يختلف عن الحق الناتج عن إحياء أرض ميته، فإن حق الاحياء يمنع أي فرد آخر من الاستيلاء عليها بدون إذن المحيي ما دامت معالم الحياة باقية فيها، سواء كان المحيي يمارس الانتفاع بالأرض فعلا أم لا. وأما الحق الذي يكسبه الفرد نتيجة لزراعته أرضا حية بطبيعتها فهو لا يعدو أن يكون حق الأولوية بالأرض ما دام (1) لاحظ المبسوط ج 2، ص 29.