الحلال والحرام في الإسلام تمتد إلى جميع النشاطات الإنسانية، وألوان السلوك: سلوك الحاكم والمحكوم، وسلوك البائع والمشتري، وسلوك المستأجر والأجير، وسلوك العامل والمتعطل فكل وحدة من وحدات هذا السلوك هي إما حرام وإما حلال، وبالتالي هي إما عدل وإما ظلم، لأن الإسلام إن كان يشتمل على نص يمنع عن سلوك معين سلبي أو إيجابي فهذا السلوك حرام، وإلا فهو حلال.
وإذا كانت كل ألوان النشاط في الحياة الاقتصادية خاضعة لقضية الحلال والحرام، بما تعبر عنه هذا القضية من قيم ومثل، فمن حق البحث في الإسلام أن يدعونا إلى التفكير في استخلاص وتحديد المذهب الاقتصادي، الذي تعبر عنه قضية الحلال والحرام بقيمتها ومثلها ومفاهيمها.
الهوامش:
- - - - - - - - (1) الكتاب الأول من اقتصادنا - كلمة المؤلف ص 4 - 5.
(2) (القوانين العلمية في الاقتصاد الرأسمالي ذات اطار مذهبي) ص 237 - 244.
العلاقات بين المذهب والقانون:
كما عرفنا أن المذهب الاقتصادي يختلف عن علم الاقتصاد، كذلك يجب أن نعرف الفرق بين المذهب الاقتصادي والقانون المدني أيضا، فإن المذهب هو: مجموعة من النظريات الأساسية التي تعالج مشاكل الحياة الاقتصادية، والقانون المدني هو: التشريع الذي ينظم تفصيلات العلاقات المالية بين الأفراد وحقوقهم الشخصية والعينية. وعلى هذا الأساس لا يمكن أن يعتبر المذهب الاقتصادي لمجتمع نفس قانونه المدني. فالرأسمالية مثلا بوصفها المذهب الاقتصادي لدول كثيرة في العالم ليست هي نفس القوانين المدنية في تلك الدول، ولذا قد تختلف دولتان رأسماليتان في تشريعاتهما القانونية، تبعا لاتجاهات رومانية وجرمانية - مثلا - مختلف في التشريع بالرغم من وحدة المذهب الاقتصادي فيهما، لأن تلك التشريعات القانونية ليست من المذهب الرأسمالي. فليس من الرأسمالية - باعتبارها مذهبا اقتصاديا - الأحكام التي ينظم بها القانون المدني في الدولة الرأسمالية عقود المقايضة من بيع وإيجار وقرض مثلا. فلو قدمت هذه الأحكام باعتبارها المضمون الرأسمالي للمذهب، كان ذلك ينطوي على التباس وخلط