النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادى عشر - العلامة الحلي - الصفحة ٨٩
وذلك معلوم في كتب المعجزات والتواريخ، حتى حفظ عنه ما ينيف على الألف أعظمها وأشرفها الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لا تمله الطباع ولا تمجه الأسماع، ولا يخلق بكثرة رد إليه ولا تنجلي الظلمات إلا به.
وأما الثالث: فلأنه لو لم يكن صادقا في دعوى النبوة لكان كاذبا وهو باطل، إذ يلزم منه إغراء المكلفين باتباع الكاذب وذلك قبيح لا يفعله الحكيم.
قال: (الثاني: في وجوب عصمته.
العصمة (1) لطف خفي يفعل الله تعالى بالمكلف، بحيث لا يكون له داع إلى ترك الطاعة وارتكاب المعصية مع قدرته على ذلك، لأنه لولا ذلك لم يحصل الوثوق بقوله: فانتفت فائدة البعثة، وهو محال).
أقول: إعلم أن المعصوم (عليه السلام) يشارك غيره في الألطاف المقربة ويحصل له زائدا على ذلك لأجل ملكة نفسانية لطيفة بفعله الله بحيث لا يختار معه ترك طاعة ولا فعل معصية مع قدرته على ذلك، وذهب بعضهم إلى أن المعصوم لا يمكنه الاتيان بالمعاصي وهو باطل وإلا لما استحق مدحا.

(1) العصمة بالكسر لغة اسم من عصمه الله من المكروه ويعصمه من باب [ضرب] أي حفظه ووقاه ومنعه عنه (مجمع البحرين بتصرف).
وفي الاصطلاح هي ملكة اجتناب المعاصي مع التمكن منها، وقيل هي ملكة تمنع الفجور ويحصل بها العلم بمصايب المعاصي ومناقب الطاعات.
وقال الراغب هي فيض إلهي يقوي به الإنسان على تحري الخير وتجنب الشر حتى تصير كمانع له وإن لم يكن منعا محسوسا (نقل من شرح دعاء عرفة في قوله وهب لي عصمة تدنيني من خشيتك وهو للسيد علي خان بن الميرزا...).
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 93 94 95 ... » »»
الفهرست