النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادى عشر - العلامة الحلي - الصفحة ٨٦
كالقرآن (1) وانشقاق القمر (2)، ونبوع الماء (3) من بين أصابعه وإشباع الخلق الكثير من الطعام القليل، وتسبيح الحصى في كفه وهي أكثر من أن تحصى، وادعى النبوة، فيكون صادقا، وإلا لزم إغراء المكلفين بالقبيح، فيكون محالا.
أقول: لما كانت المصالح تختلف بحسب اختلاف الأزمان والأشخاص، كالمريض الذي تختلف أحواله في كيفية المعالجة واستعمال الأدوية بحسب اختلاف مزاجه في تنزلاته في المرض، بحيث يعالج في وقت بما يستحيل معالجته به في وقت آخر، كانت النبوة والشريعة مختلفتين

(1) إعلم أنه لا نزاع في كونه كتابا مفصلا مشتملا على العلوم الكثيرة من المباحث الإلهية وعلوم الاختلاق وعلم السلوك إلى الله وعلم أحوال القرون الماضية والأمم الخالية وغير ذلك من الأمثال العجيبة والقصص الغريبة، ومن المعلوم من حال نبينا (صلى الله عليه وآله) أنه نشأ في مكة يتيما وهي يومئذ خالية من العلماء والكتب والمباحث الحقيقية ولم يسافر عنها إلا مرتين إلى الشام بطلب التجارة في مدة يسيرة وقد علم من سفره أنه لم يواظب على القراءة والاستفادة من أحد وانقضى على هذه الصفة من عمره أربعون سنة ثم بعدها ظهر منه مثل هذا الكتاب الشريف على لسانه فإن هذا معجز ظاهر، فإن ظهور مثله على مثل هذا الإنسان الخالي عن البحث والطلب والمطالعة والتعلم لا يمكن إلا بالوحي من عند الله والعلم به ضروري (س ط).
(2) قوله وانشقاق القمر وذلك ليلة أربع عشر من ذي الحجة، اجتمع الناس عنده وقالوا ما من نبي إلا وله آية فما آيتك في هذه الليلة؟ فقال الذي تريدون، فقالوا أن يكون لك عند ربك قدر فمر القمر أن ينقطع قطعتين فهبط الأمين جبرئيل (عليه السلام) وقال: يا محمد (صلى الله عليه وآله) أن الله يقرئك السلام ويقول لك إني أمرت كل شئ بطاعتك فرفع رأسه وأمر القمر أن ينقطع قطعتين فصار قطعتين فسجد النبي شكرا لله تعالى، وقال عد كما كنت فعاد والناس ينظرون إلى ذلك ثم أعرض أكثرهم وقالوا سحر القمر سحر القمر مع أن الاتفاق حتى من السحرة على أن السحر لا يؤثر شيئا ولا يخيل في السماويات فأنزل الله عز وجل (اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر) (س ط).
(3) قوله ونبوع الماء الغزير من بين أصابعه الشريفة حتى اكتفى منه ألف وخمسمئة رجلا قال جابر ولو كنا مائة ألف لكفانا وهذا أعظم من معجزة موسى بن عمران من انفجار الحجر له بضربه بالعصا لأن الحجر معدن له في الجملة بخلاف الأصابع (س ط).
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست