النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادى عشر - العلامة الحلي - الصفحة ٨٤
إذا تقرر هذا فاعلم: أن الناس اختلفوا في عصمة الأنبياء (عليهم السلام) فجوزت الخوارج عليهم الذنوب، وعندهم كل ذنب كفر، والحشوية جوزوا الإقدام على الكبائر ومنهم من منعها عمدا لا سهوا وجوزوا تعمد الصغائر والأشاعرة منعوا الكبائر مطلقا وجوزوا الصغائر سهوا، والإمامية أوجبوا العصمة مطلقا عن كل معصية عمدا وسهوا (1) وهو الحق لوجهين:
الأول: ما أشار إليه المصنف وتقريره أنه لو لم يكن الأنبياء معصومين لانتفت فائدة البعثة واللازم باطل فالملزوم مثله (2) بيان الملازمة أنه إذا جازت المعصية عليهم لم يحصل الوثوق بصحة قولهم لجواز الكذب حينئذ عليهم وإذا لم يحصل الوثوق لم يحصل الانقياد لأمرهم ونهيهم فتنتفي فائدة بعثهم وهو محال.
الثاني: لو صدر عنهم الذنب لوجب اتباعهم لدلالة النقل على وجوب اتباعهم لكن الأمر حينئذ باتباعهم محال، لأنه قبيح، فيكون صدور الذنب عنهم محالا وهو المطلوب.
قال: (الثالث: في أنه معصوم من أول عمره إلى آخره، لعدم انقياد القلوب إلى طاعة من عهد منه في سالف عمره أنواع المعاصي الكبائر والصغائر وما تنفر النفس منه).

(1) واعلم أن ما يتعلق به إما اعتقاد ديني ذهني أو فعلي والأول لا يقع فيه الخطأ باتفاق الناس، إلا ما نقل عن [الفصيلية] قبحهم الله من تجويز الكفر على الأنبياء لأن المعصية عندهم كفر وقد جوزوها عليهم، والثاني إما أن يتعلق بتبليغ الشوائع ونقل أحكامها وهو لا يقع فيه الخطأ ما يتعلق إلا بالاتفاق أو يتعلق بفعلها فكذلك غير أن الشيخ أبا جعفر بن الوليد [...] وسهو النبي (صلى الله عليه آله) [من الله] ليس كسهو غيره من الشيطان وأقبح بوقوعه منه بحديث ذي الشمالين ورده المصنف بالضعف وبمخالفة الاجماع ودلائل العقل ولعله أليق بمنصب النبوة والله أعلم.
(2) من أصحاب الحديث والمثوبة وأمثالهم من الشذاذ.
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست