النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادى عشر - العلامة الحلي - الصفحة ٩٥
والدليل على حقيته هو أن الإمامة لطف، وكل لطف واجب على الله فالإمامة واجب على الله تعالى.
أما الكبرى: فقد تقدم بيانها.
وأما الصغرى: فهو أن اللطف كما عرفت هو ما يقرب العبد إلى الطاعة ويبعده عن المعصية وهذا المعنى حاصل في الإمامة (1).
وبيان ذلك: أن من عرف عوائد الدهماء، وجرب قواعد السياسة، علم ضرورة أن الناس إذا كان لهم رئيس مطاع مرشد فيما بينهم يردع الظالم عن ظلمه والباغي عن بغيه، وينتصف للمظلوم عن ظالمه، ومع ذلك يحملهم على القواعد العقلية والوظائف الدينية، ويردعهم على المفاسد الموجبة لاختلال النظام في أمور معاشهم، وعن القبائح الموجبة للوبال في معادهم، بحيث يخاف كل مؤاخذته على ذلك، كانوا مع ذلك إلى الصلاح أقرب ومن الفساد أبعد ولا نعني باللطف إلا ذلك فتكون الإمامة لطفا، وهو المطلوب.
واعلم: أن كل ما دل على وجوب النبوة فهو دال على وجوب الإمامة، إذ الإمامة خلافة عن النبوة قائمة مقامها، إلا في تلقي الوحي الإلهي بلا واسطة، وكما أن تلك واجبة على الله تعالى في الحكمة هكذا هذه، وأما

(١) قال الشيخ الطوسي في الغيبة (ص 4) والذي يدل على وجوب الرئاسة ما ثبت من كونها لطفا في الواجبات العقلية مضارات واجبة، كالمعرفة التي لا تعرى مكلف من وجوبها عليه، ألا ترى أن من المعلوم أن من ليس بمعصوم من الخلق متى خلوا من رئيس مهيب يردع المعاند ويؤدب الجاني ويأخذ على يد المتغلب ويمنع القوي من الضعيف... وقع الفساد وانتشر الحبل... ومتى كان لهم رئيس هذه صفته كان الأمر بالعكس من ذلك من شمول الصلاح وكثرته وقلة الفساد و... والعلم بذلك ضروري لا يخفى على العقلاء فمن دفعه لا يحسن مكالمته.
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست