مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٨٤
الأصفهاني، وأبي سعيد السيرافي وعلي بن عيسى الرماني، وأضرابهم من العلماء والأدباء والقضاة.
قد يكون هذا... وقد يكون ما وجده بعض هؤلاء في الاتجاه السياسي الذي سار عليه الوزير والآمال التي كانت تعقد عليه، والأماني التي كان يعتقد أنه خير من يستطيع تحقيقها سببا آخر في ذلك الالتفاف.
ولكن المهلبي لم يكن يندفع في علاقته تلك وراء العواطف ليقينه أن العاطفة سرعان ما تذهب، وتبقى وراءها حسرة لا تردها آهات السنين.
ولذلك فإنك تجده يبني معاملته على أساس من النفع العام، فأي من هؤلاء أكثر خدمة للناس فهو المقدم عنده والأثير لديه.
سأله مرة القاضي أبو الحسين محمد بن عبيد الله بن نصرويه عن سبب تفصيله لابن عبد الواحد على أبي تمام الزينبي عامليه على مناطق بالبصرة فقال المهلبي: يا أبا الحسين شتان بين الرجلين؟ دخل علي ابن عبد الواحد فرأيت أن أقصيه، بما عاملته من قلة الرفع والتقرب، فعرض علي أول رقعة، فاعتقدت أن أردها فلما قرأتها وجدتها لحاجة غيره، فاستحييت أن يكون أكرم مني، وقد بذل جاهه لمن سأله سؤالي مع ما يعلمه بماله عندي...
ثم توالت رقاعه، فوجدت جميعها في حوائج الناس. وقد دخل هذا يعني أبا تمام الزينبي، فعاملته من الاكرام بما رأيت لما بيني وبينه، فعرض رقاعه، فوجدت أولها في شئ يخصه، فوقعت له، وكلما عرض رقعة تطلبت أن يكون فيها شئ لغيره، فاقضيه له، وأجعل له محمدة عليه فما وجدت الجميع إلا له، وفيما يخصه فكرهت ذلك منه وانحط من عيني.
نقلنا النص على طوله لما فيه من دلالة على الأساس الذي يعامل به الوزير معاصريه.
وتبعا لذلك، فإنه لم يقتصر في علاقته بالنابهين من الأدباء والشعراء فقط، وإنما امتد تفقده إلى أولئك الذين لم يطمحوا بالوصول إلى الوزراء. فكان يكتب إلى أمثال هؤلاء شعرا أو نثرا بما يرفع نفسياتهم، ويعيد إلى اطمئنانهم أن مقاييس الرجال عنده ليست نباهة الذكر وعلو المنزلة، قال التنوخي وجدت بخط أبي محمد المهلبي، كتابا إلى أبي القاسم بن بلبل، وهو صغير الحال، وفيه:
طلع الفجر من كتابك عندي * فمتى باللقاء يبدو الصباح ذاك إن تم لي فقد عذب العيش * ونيل المنى وريش الجناح وقد احتل في نفوس هؤلاء الأدباء جميعا مكانا عليا وحظي بتقديرهم حتى إن منهم من أفرع لمديحه وأخباره صدرا من كتبه، كالتنوخي في نشوار المحاضرة، والصاحب بن عباد في الروزنامجة وأبي إسحاق الصابي وأبي الفرج الأصفهاني، فيما كتبا عنه.
وقد كانت موجة الاعجاب به تدفع بعض الشعراء إلى السرقة من غيرهم، فيما إذا قلت بضاعتهم أو لم تأت بالجودة المطلوبة، كما حدث للسري الرفاء مع الخالديين في ادعائه أنهما يعني الخالديين كانا يسرقان شعره ليمدحا به المهلبي.
ومثلها موجة الوفاء التي جعلت الحسين بن حجاج يرثيه، بعد وفاته في أحلك الظروف، إذ كان معز الدولة قد ألقى القبض على كل أتباع المهلبي وسجن زوجه وولده.
وفاته:
في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة، يقود المهلبي عن غير رغبة جيشا كثيفا يريد به فتح عمان، ولما يبلغ القائد هدفه، إذ أنه أصيب بمرض أقعده عن مواصلة الزحف واشتدت علته فأعيد إلى بغداد، وفي جمادى الآخرة من السنة نفسها، توفي في طريقه إلى بغداد، وحمل جثمانه إليها، ودفن في مقابر قريش.
أدبه النثري والشعري:
لست متحدثا كثيرا عن نشاطه الأدبي، باستثناء هاتين الملاحظتين:
أولا: فيما يخص رسائله يبدو أنها لم تخرج عن الخط العام للرسائل في القرن الرابع الهجري، من حيث العناية بالسجع والازدواج، ومع أن الصفة الغالبة عليه هي الكتابة، فإنه لم يستطع أن يجدد في هذا الفن.
ثانيا: فيما يتعلق بشعره أقول: إن شعره كان قليلا، كما وصفه ابن النديم ولعله لا يزيد عما جمعناه له إلا قليلا.
وقد وصفه الناس وصفين متباينين، فقد كان بعض الأدباء إذا سمع قوله:
يا من له رتب ممكنة القواعد في فؤادي قال: هذا يصلح أن يكون شعر بناء.
في حين نجد آخرين ينعتونه بالجودة والبهاء.
وقد يكون في هذا المدح أو ذاك التعريض ما فيه من التحيز له أو عليه.
ولكنه شان أي إنسان امتلك ناصية القريض، يأتي بالغث مرة والسمين أخرى، ومهما يكن من أمر، فقد تمثلت في كل تلك المقطعات حياته التي عاش فيها الحرمان مرة والنعيم والترف أخرى.
ديوان شعره:
لم نجد فيما بين أيدينا من مصادر دراسته ما يشير إلى ديوانه باستثناء إشارة ابن النديم ولعل قلة شعره، وما اتسم به غالبه من جفاف، قد صرفت الأدباء عن العناية به، ومن ثم الإشارة إليه، على الرغم من عناية أهل ذلك العصر بتدوين الدواوين وجمع ما تناثر من شعر السابقين.
ولعل تلك كانت خاتمة النكبات التي مني بها المهلبي حيا وميتا وهي، أن لا يعثر له على أثر أدبي ليأخذ مكانه في الأدباء.
ولذلك فقد صح العزم على جمع ما تفرق، وتتبع ما تشتت من شعره عسى أن يكون في ذلك مساهمة مني في خدمة تراث أمتنا، أن وفقت فيها، فذلك بليغ رجائي. وإلا فحسبي ما انتفعت به من جهد، والله أسال أن يأخذ بيد العاملين.
حرف الهمزة (1) 1 - يا عارفا بالداء مطرح السؤال * عن الدواء 2 - العلم عندي كالغذاء * فهل تعيش بلا غذاء
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370