مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٦٥
جنيد، وللأم غير الشيعية الثانية على الابن علي بن حيدر، ثم لم يكن لذلك من تأثير على إسماعيل بن حيدر، لأنه نشأ في غير رعايتها وبعيدا عن تأثيرها، بل في محيط شيعي في مدينة لاهيجان، حيث نقل إليها وهو في السادسة من عمره بعد مقتل أخيه علي، الذي عهد إليه بولاية العهد، فانتقل به أنصاره خوفا عليه إلى لاهيجان، وبقيت والدته بعيدة عنه في أردبيل؟ وأن يكون هذا ما حمل النهروالي على القول بان إسماعيل هو المتشيع الأول في الصفويين، وأن سبب تشيعه نشأته في لاهيجان. على أنه إذا انطبق قولنا على جنيد وحيدر وعلي، فإنه لا ينطبق على سياه‌پوش.
وهنا لا بد لنا من وقفة عند ما ذكره الكاتب حسين بن مرتضى علوي عن وثيقة الوقف، وما جاء فيها عن ربط نسب السلسلة الصفوية بالامام موسى الكاظم. فان ذلك يجرنا إلى الحديث عما قيل في صحة هذا النسب، وما أثير حوله من شكوك. فالكاتب مسلم بصحة هذا النسب، ويبدو أن معاصريه مسلمون، وأن من قبلهم في عصر تيمور مسلمون أيضا، وأول ما اشتهر من الطعن في نسب الصفويين في هذا العصر، هو ما كتبه أحمد كسروي من نفي النسبة العلوية الموسوية إلى الصفويين.
ونحن حين نرى أن الأقدمين وهم الأقرب إلى الأصول الصفوية والأكثر تتبعا لها لم يتطرقوا إلى التشكيك في نسبهم، واعتبروه صحيحا سليما حين نرى ذلك لا نستطيع إلا التسليم بصحة النسب،.
ولعل النزعة التهديمية التي سيطرت على كسروي في الشطر الأخير من حياته هي من عوامل إنكاره النسب الصفوي العلوي الموسوي، لأن في هذا الإنكار تهديما لحقيقة قائمة. على أن من الإنصاف أن نترك للذين قرأوا كتاب كسروي أن يحكموا عليه، وأن يناقشوا أدلته، وأن يكونوا في هذا الموضوع معه أو عليه. فانا لم أقرأ ما كتب لأني أجهل الفارسية، ومن هنا ليس من حقي أن أحكم، وإن كان من حقي أن استنتج.
صدى قيام الدولة الصفوية عند الآخرين بعد نشرنا ما كتبه مؤرخ قديم عاش أواخر عهود الدولة الصفوية، ورأينا فيما كتبه صدى قيام هذه الدولة في نفوس الشيعة بعد ما عانوه في كل مكان من اضطهاد وترويع وقتل، وبعد ما اضطروا إلى تحمل بلية التقية كما سماها الكاتب المؤرخ. وهي بلية أي بلية...
بعد نشرنا ذلك وتعليقنا عليه نرى أن ننشر ما كتبه الآخرون المعاصرون لنشوء تلك الدولة، لأن فيما كتبوه هو أيضا صدى لما في نفوسهم.
وأفضل ما نأخذه هنا هو ما كتبه قطب الدين النهروالي المتقدم ذكره وهو مؤرخ عاصر الأحداث وشاهدها، وكان لسان الآخرين المتوجسين من الدولة الجديدة الناقمين على قيامها.
وما نأخذه هو ما نشره في كتابه الاعلام باعلام بيت الله الحرام. قال وهو يتحدث عن عهد السلطان العثماني بايزيد الثاني بن محمد الفاتح الذي تولى الملك سنة 886 ما نصه:
وظهر في بلاد العجم في أيامه شاه إسماعيل بن الشيخ حيدر بن الشيخ جنيد الصفوي في سنة 905، وكان له ظهور عجيب واستيلاء على ملوك العجم يعد من الأعاجيب، فتك في البلاد، وسفك دماء العباد، وأظهر مذهب الرفض والالحاد، وغير اعتقاد العجم إلى الانحلال والفساد بعد الصلاح والسداد، وأخرب ممالك العجم، وأزال من أهلها حسن الاعتقاد، والله يفعل في ملكه ما أراد، وتلك الفتنة باقية إلى الآن في جميع تلك البلاد.
وشرح ذلك يحتاج إلى تاريخ مستقل ولا أعلم أحد تعرض له من العلماء الأمجاد.
وظهر من أتباع شاه إسماعيل المذكور في بلاد الروم (1) شخص ملحد زنديق يقال له شيطان قولي، أهلك الحرث والنسل، وعم بالفساد والقتل، وتبعه غواة لا تعد ولا تحصى، وقويت شوكته وعظم به على المسلمين في ذلك القطر الفتنة والبلاء. فأرسل السلطان بايزيد وزيره الأعظم علي باشا بعسكر كبير لقتل هذا الباغي وأمده بجيش عظيم لقطع جادرة هذا الطاغي، فاستشهد علي باشا في ذلك القتال، وقدم بأكفان شهادته إلى الله المتعال، وانكسر شيطان قولي المفسد التعيس، وعسكره من جنود إبليس، وقتل مع طائفة من أعوانه الأباليس، وأسكن الله هذه الفتنة بعد ما طمت، وكفى الله تعالى شر أولئك الأشرار بعد أن عظمت فتنتهم وعمت، وذلك في سنة 915 (2) انتهى.
ثم يروي النهروالي ظهور الدولة الصفوية على الشكل التالي، فإنه بعد أن يذكر ظهور صفي الدين ثم يستمر في ذكر أحداث خلفائه حتى يصل إلى الشيخ جنيد فيقول ما نصه (3):
فلما جلس الشيخ جنيد مكان والده في الزاوية بأردبيل كثر مريدوه وأتباعه في أردبيل فتوهم منهم صاحب آذربيجان يومئذ وهو السلطان جهانشاه بن قرا يوسف التركماني من طائفة قره قوينلو فاخرجوهم من أردبيل فتوجه الشيخ جنيد مع بعض مريديه إلى ديار بكر وتفرق عنه الباقون. وكان من أمراء ديار بكر يومئذ عثمان بيك بن قتلق بيك بن علي بيك من طائفة من آق قوينلو جد أوزون حسن بك البابندري وهو أول من تسلطن من طائفة أق قوينلو، وولي السلطنة منهم تسعة أنفس ومدة ملكهم اثنتان وأربعون سنة وأخذوا ملك فارس من طائفة قره قوينلو، وأول سلاطينهم قره يوسف بن قره محمد التركماني ومدة سلطنتهم ثلاث وستون سنة، وانقرض ملكهم على يد أوزون حسن بيك المذكور (4) في شوال سنة 873، وكان أوزون حسن بيك ملكا شجاعا مقداما مطاعا مظفرا في حروبه، ميمونا في نزوله وركوبه، إلا أنه وقع بينه وبين السلطان محمد بن السلطان مراد خان حرب عظيم في بايبرت فانكسر أوزون حسن بيك وقتل ولده زنيل بيك، وهرب هو وسلم من القتل وعاد إلى آذربيجان وملك فارس والعراقين، فلما التجأ الشيخ جنيد إلى طائفة آق قوينلو صاهره أوزون حسن بيك وزوجه بنته خديجة بيگم فولدت له الشيخ حيدر، ولما استولى أوزون حسن بيك على البلاد وطرد عنها ملوك قره قوينلو وأضعفهم عاد الشيخ جنيد مع ولده الشيخ حيدر إلى أردبيل وكثر مريدوه وأتباعه وتقوى

(1) المقصود ببلاد الروم هنا: الأناضول وما إليها من البلاد التركية.
(2) الصفحة 259.
(3) الصفحة 271.
(4) يلاحظ هنا قوله: إن عثمان بيك من طائفة آق قوينلو وأنه جد أوزون حسن، ثم قوله:
إن انقراض ملك آق قوينلو كان على يده.
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370