الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٨٨٠
وروي أن مالكا أفتى في مسألة في طلاق البتة: أنها ثلاث، فنظر إلى أشهب قد كتبها، فقال: امحها، أنا كلما قلت قولا جعلتموه قرآنا ما يدريك لعلي سأرجع عنها غدا فأقول: هي واحدة.
وهذا ابن القاسم لا يرى بيع كتب الرأي، لأنه لا يدري: أحق فيها أم باطل؟
ويرى جواز بيع المصاحف وكتب الحديث، لأنها حق.
وقال مالك عند موته: وددت أني ضربت بكم مسألة تكلمت فيها برأيي سوطا على أنه لا صبر لي على السياط.
وذكر الشافعي حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له بعض جلسائه: يا أبا عبد الله أنأخذ به؟ فقال له يا هذا أرأيت علي زنارا؟ أرأيتني خارجا من كنيسة؟
حتى تقول لي في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنأخذ بهذا، ولم يزل رحمه الله في جميع كتبه ينهي عن تقليده وتقليد غيره، وهكذا حدثني القاضي أبو بكر حمام بن أحمد عن عبد الله بن محمد الباجي، عن القاضي أسلم بن عبد العزيز بن هشام، عن أبي إبراهيم المزني عن الشافعي.
فترك هؤلاء القوم ما أمرهم به أسلافهم، وعصوهم في الحق، واتبعوا آراءهم تقليدا وعناد للحق.
حدثنا القاضي يونس بن عبد الله، ومحمد بن سعيد بن نبات، قال يونس: نا يحيى بن مالك بن عائن، نا أبو عيسى عبد الرحمن بن إسماعيل الخشاب، نا أبو جعفر أحمد بن محمد الطحاوي، نا إبراهيم بن أبي الجحيم، نا محمد بن معاذ، نا سفيان بن عيينة، وقال محمد بن سعيد: نا أحمد بن عون الله، نا قاسم بن أصبغ، ثنا محمد بن عبد السلام الخشني، نا أبو موسى الزمن - هو محمد بن المثنى - ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، ثم اتفق ابن عيينة والثوري واللفظ للثوري: عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه قال: قال معاوية لابن عباس:
أنت على ملة علي؟ قال: لا، ولا على ملة عثمان، أنا على ملة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال محمد بن المثنى: وثنا مؤمل، نا سفيان الثوري، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قال لي معاوية: أنت قلت ما أنا بعلوي ولا عثماني ولكني على ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(٨٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 875 876 877 878 879 880 881 882 883 884 885 ... » »»
الفهرست