الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٨٧٦
تعالى التوفيق، وبرهان قولنا في هذا ما حدثناه عبد الله بن ربيع التميمي، ثنا محمد بن إسحاق بن السليم، عن ابن الأعرابي عن أبي داود، نا أحمد بن حنبل، نا سفيان بن عيينة، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الامر بما أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا أدري، ما وجدناه في كتاب الله تبعناه.
فصل وقال قوم بتقليد أهل المدينة، وقد ذكرنا في باب الكلام في الاخبار من كتابنا هذا وفي باب الاجماع من كتابنا هذا بطلان من احتج بعمل أهل المدينة وإجماعهم، فأغنى عن تردده، ولكن لا بد أن نذكر ههنا طرفا نشاكل غرضنا في هذا الباب إن شاء الله تعالى.
احتج قوم في تقليد أهل المدينة بقبول قولهم في المد، والصاع، وهذا لا حجة لهم فيه، لان هذا داخل فيما نقلوه مسندا بالتواتر، على أن ذلك أيضا مما قد اختلفوا فيه، فقد روي عن موسى بن طلحة بن عبيد الله - وهو مدني - ما يخالف قولهم ويوافق قول أبي حنيفة.
ولو كان قبول قولهم في المد والصاع موجبا لقبول قولهم في غير ذلك، لوجب تقليد أهل مكة في جميع أقوالهم، لاتفاق الأمة كلها يقينا بلا خلاف من أحد منهم، على قبول قولهم في موضع عرفة، وموضع مزدلفة، وموضع منى، وموضع الجمار، وموضع الصفا، وموضع المروة، وحدود الحمى. فما خالف أحد من جميع فرق الاسلام، لا قديما ولا حديثا، قول أهل مكة. ان هذه المواضع هي التي تعبدنا بها بما جاءت به النصوص وهذا أكثر من المد والصاع، على أن الأمة لم توافق قولهم في المد والصاع.
(٨٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 871 872 873 874 875 876 877 878 879 880 881 ... » »»
الفهرست