الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٨٨٤
أعناقكم، وزلة عالم، وجدال المنافق بالقرآن؟ فسكتوا، فقال: أما العالم فإن اهتدى فلا تقلدوه دينكم، وإن افتتن فلا تقطعوا منه أناتكم، فإن المؤمن يفتتن ثم يتوب، وأما القرآن فله منار كمنار الطريق، لا يخفى على أحد فما عرفتم منه فلا تسألوا عنه ما شئتم فيه فكلوه إلى عالمه. وذكر باقي الحديث.
قال أبو محمد: هذا هو نص ما ذهبنا، والحمد لله رب العالمين، في اتباع الظاهر وترك تقليد.
كتب إلي النمري: ثنا محمد بن إبراهيم ثنا محمد بن أحمد بن مفرج، ثنا أبو سعيد البصري بمكة، ثنا الحسن بن عفان العامري، ثنا الحسين الجعفي، عن زائدة، عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري قال: قال سليمان الفارسي. كيف أنتم عند ثلاث: زلة عالم، وجدال منافق بالقرآن، ودنيا تقطع أعناقكم؟ فأما زلة العالم فإن اهتدى فلا تقلدوه دينكم، وأما مجادلة منافق بالقرآن فإن للقرآن منارا كمنار الطريق، فما عرفتم منه فخذوا، وما لم تعرفوا فكلوه إلى عالمه.
كتب إلي النمري: ثنا عبد الوارث بن سفيان، ويعيش بن سعيد قالا: أنا قاسم ابن أصبغ، ثنا بكر بن حماد، ثنا بشر بن حجر، أنا خالد بن عبد الله الواسطي، عن عطاء، يعني ابن السائب، عن أبي البختري، عن علي بن أبي طالب، قال: إياكم والاستنان بالرجال، فإن الرجل يعمل بعمل أهل الجنة، ثم ينقلب لعلم الله عز وجل فيه، وذكر الحديث.
كتب إلي النمري قال: ذكر ابن مزين، عن عيسى بن دينار، عن ابن القاسم، عن مالك قال: ليس كل ما قال رجل قولا، وإن كان له فضل، يتبع عليه، يقول الله عز وجل: * (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) *.
قال أبو محمد: لو اتبع مقلدوه وهذا القول منه لاهتدوا. ونعوذ بالله من الخذلان.
وقالوا أيضا: إن جمهور الصحابة كانوا بالمدينة، وإنما خرج عنها الأقل ومن المحال أن تغيب السنة عن الأكثر، ويدريها الأقل.
قال أبو محمد: وهذا فاسد من القول جدا، لان الرواية إنما جاءت عن ألف صاحب وثلاثمائة صاحب ونيف، أكثرهم من غير أهل المدينة، وجاءت الفتيا عن
(٨٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 876 877 878 879 880 881 882 883 884 885 886 » »»
الفهرست