الاحكام - ابن حزم - ج ٦ - الصفحة ٨٨٥
مائة ونيف وثلاثين منهم فقط، أكثرهم من غير أهل المدينة، وهذه الأمور لا تطلق جزافا، ولا يؤخذ الدين عمن لا يبالي أن يطلق لسانه بما لا يدري، ولا اهتبل به يوما من دهره قط، ولا شغل بالبحث عنه ليلة من عمره، وإنما يؤخذ ممن جعله وكده وعمدته، وآثره على طلب رياسة الدنيا، وأعده حجة ليلقى بها ربه، إذا سئل يوم القيامة.
ثم إن كل قولة قلدوا فيها مالكا، من تلك الآراء المضطربة، وتلك المسائل التي فيها القولان والثلاثة، وهي أكثر أقواله، فليس كل واحدة منها شهدها جميع أصحابه الباقين بالمدينة، نعم، ولا سائر الأحكام التي أسندها إلى من أسندها إليه إنما هي حكم حكم بها حاكم، إما رضيه غيره منهم، وإما سخطه، ومن ادعى إجماعهم على كل حكم حكم به بين أظهرهم أو علمهم به كلهم فضلا عن اجماعهم عليه، فقد ادعى الكذب الذي لا يخفى على أحد، إذ لا شك أنهم لم يكونوا كلهم ملازمين لكل حكم حكم به الامام هنالك أو قاضيه، فظهر سقوط ما احتجوا به، وبالله تعالى التوفيق.
تم الجزء السادس من كتاب الأحكام في أصول الاحكام ويليه الجزء السابع أوله الباب السابع والثلاثون في دليل الخطاب
(٨٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 876 877 878 879 880 881 882 883 884 885 886 » »»
الفهرست