تهذيب الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ، للسبحاني - ج ٣ - الصفحة ١٨٧
ما افاده في صدر كلامه، فان المقصود رد أقر بيته فقط.
واما انكار أقربية قول المفضول إذا وافق جل الفقهاء وتفرد الأفضل برأيه على نحو الذي ذكره، فمنظور فيه، لان اتفاق آراء أهل الفن علي أمر واحد يوجب سلب الاطمئنان عما يخالفه، ولا يبقى له وثوق أصلا، ولا يجرى أصالة عدم الغفلة والسهو في اجتهاده، وما أفاد من أن اتفاقهم لا يكشف عن قوة مداركهم، لكون الكل بمنزلة نظر واحد، غريب جدا ومثله ما أفاد من أنه لو كشف عن قوة مداركهم لزم الخلف لفرض اقوائية نظر الأفضل عن غيره في مرحلة الاستنباط، فان المسلم انما هو اقوائية نظر الأفضل عن المفضول فقط لا عن جل الفقهاء، أو الأعلم الذي لا يجوز تقليده لمانع من الموانع.
ثم إنه يمكن منع الكبرى: أعني انه يجب الاخذ بالأقرب جزما عند المعارضة بان ادعاء تعين الرجوع إلى الأقرب، يتوقف على ادراك العقل لزوم الاخذ به وتعينه ادراكا جزميا قطعيا لا يحتمل خلافه، بحيث لو ورد دليل على خلافه من الشرع لأوله أو طرحه، وانى للعقل هذا الادراك، إذ للشارع ترخيص الرجوع إلى المفضول إذا رأى مفسدة في تعين الرجوع إلى الأفضل أو رأى مصلحة في توسعة الامر على المكلفين كما هو الواقع في جواز العمل بقول الثقة وترك الاحتياط، من دون ان يستلزم ذاك الترخيص والرجوع إلي المفضول موضوعيته كما ادعاه المستدل نعم لو وقف العقل على لزوم احراز الواقعيات وادراك عدم رضاء المولى بتركها، لحكم بلزوم العمل بالاحتياط وعدم جواز العمل بقول الفاضل والأفضل، من غير فرق بين لزوم العسر والحرج واختلال النظام وعدمه.
والحاصل: انه لا يتسنى للعقل الحكم البات بتعين الرجوع إلى الأقرب مع احتمال ورود تعبد من الشارع بالترخيص في الرجوع إلى الفاضل والمفضول، ومع هذا الاحتمال ولو كان ضعيفا، لا مساغ لادعاء القطع بتعين الاخذ به وتوهم عدم وجود ذاك الاحتمال، لا يخلو عن مكابرة.
ثم إن بعض الأعيان المحققين قد صحح الكبرى في تعليقته ونحن ننقل ملخص
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»
الفهرست