تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ١٢١
وقال فرقة: البنان الأصابع، وهذا هو الصحيح، لأنه إذا قطع البنان لم ينتفع صاحبه بشئ من أعضائه واستأسر.
و (شاقوا): معناه خالفوا ونابذوا، وقطعوا، وهو مأخوذ من الشق، وهو القطع والفصل بين شيئين، وعبر المفسرون عن قوله: (شاقوا) أي: صاروا في شق غير شقه.
قال * ع *: وهذا وإن كان معناه صحيحا، فتحرير الاشتقاق إنما هو ما ذكرناه، وقوله: (فإن الله شديد العقاب) جواب للشرط، تضمن وعيدا وتهديدا.
وقوله سبحانه: (ذلكم فذوقوه) المخاطبة للكفار، أي ذلكم الضرب والقتل، وما أوقع الله بهم يوم بدر، فكأنه قال: الأمر ذلكم فذوقوه، وكذا قرره سيبويه.
وقال بعضهم: يحتمل أن يكون " ذلكم " في موضع نصب، كقوله: زيدا فاضربه، وقوله سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا...) الآية: (زحفا) يراد به متقابلي الصفوف والأشخاص، أي: يزحف بعضهم إلى بعض، وأصل الزحف الاندفاع على الألية، ثم سمي كل ماش إلى آخر في الحرب رويدا زاحفا، إذ في مشيته من التماهل والتباطؤ ما في مشي الزاحف، وفي هذا المعنى شواهد من كلام العرب، ونهى الله سبحانه في هذه الآية عن تولي الأدبار، وهذا مقيد بالشريطة المنصوصة في مثلي المؤمنين، والفرار هنالك كبيرة موبقة بظاهر القرآن، والحديث، وإجماع الأكثر من الأمة.
وقوله: (ومن يولهم يومئذ دبره...) الآية. قال جمهور الأمة: الإشارة ب‍ (يومئذ) إلى يوم اللقاء الذي يتضمنه قوله: (إذا لقيتم) وحكم الآية باق إلى يوم القيامة، بشرط الضعف الذي بينه الله سبحانه.
* ت *: قال ابن رشد: وهذا ما لم يبلغ عدد / المسلمين اثني عشر ألفا، فإن بلغ حرم الفرار، وإن زاد المشركون على الضعف للحديث " لن تغلب اثنا عشر ألفا من قلة "، فإن أكثر أهل العلم خصصوا بهذا الحديث عموم الآية.
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة