تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ١١٩
المؤمنين في يوم بدر، والتقدير: اذكروا إذ فعلنا بكم كذا، وإذ فعلنا كذا، والعامل في " إذ " " اذكروا " وقرأ نافع: " يغشيكم " - بضم الياء، وسكون الغين - وقرأ حمزة وغيره:
(يغشيكم) - بفتح الغين وشد الشين المكسورة، وقرأ ابن كثير وغيره: " يغشاكم " - بفتح الياء وألف بعد الشين - " النعاس " بالرفع، ومعنى (يغشيكم): يغطيكم، والنعاس أخف النوم، وهو الذي يصيب الإنسان، وهو واقف أو ماش، وينص على ذلك قصص هذه الآية، أنهم إنما كان بهم خفق بالرؤوس، وقوله: (أمنة) مصدر من أمن يأمن أمنا وأمنة وأمانا، والهاء فيه لتأنيث المصدر، كما هي في المساءة والحماقة والمشقة.
وروي عن ابن مسعود أنه قال: النعاس عند حضور القتال علامة أمن، وهو من الله، وهو في الصلاة من الشيطان.
قال * ع *: وهذا إنما طريقة الوحي، فهو لا محالة يسنده وقوله سبحانه:
(وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به). وذلك أن قوما من المؤمنين لحقتهم جنابات في سفرهم، وعدموا الماء قريب بدر، فصلوا كذلك، فوسوس الشيطان في نفوس بعضهم مع تخويفه لهم من كثرة العدو وقلتهم، وأيضا فكانت بينهم وبين ماء بدر مسافة، من رمل دهس تسوخ فيها الأرجل، فكانوا يتوقعون أن يسبقهم الكفار إلى ماء بدر، فأنزل الله تلك المطرة فسالت الأودية، فاغتسلوا، وطهرهم الله تعالى فذهب رجز الشيطان، وتدمث الطريق، وتلبدت تلك الرمال، فسهل الله عليهم السير، وأمكنهم الإسراع
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة