تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ١٢٦
الثابتة إذ أنتم قليل، ولا يجوز أن تكون " إذ " ظرفا للذكر.
وإنما يعمل الذكر في " إذ " لو قدرناها مفعولة، واختلف في الحال المشار إليها بهذه الآية.
فقالت فرقة، وهي الأكثر: هي حال المؤمنين بمكة في وقت بداءة الإسلام، والناس الذين يخاف تخطفهم كفار مكة، والمأوى: المدينة، والتأييد بالنصر: وقعة بدر وما انجر معها في وقتها، والطيبات: الغنائم وسائر ما فتح الله عليهم به، وقالت فرقة: الحال المشار إليها هي حالهم في غزوة بدر، والناس الذين يخاف تخطفهم، على هذا عسكر مكة وسائر القبائل المجاورة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتخوف من بعضهم، والمأوى على هذا، والتأييد بالنصر: هو الإمداد بالملائكة والتغليب على العدو، والطيبات: الغنيمة.
وقوله سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول) هذا خطاب لجميع المؤمنين إلى يوم القيامة، وهو يجمع أنواع الخيانات كلها قليلها وكثيرها، والخيانة:
التنقص للشيء باختفاء، وهي مستعملة في أن يفعل الإنسان خلاف ما ينبغي من حفظ أمر ما، مالا كان أو سرا أو غير ذلك، والخيانة لله عز وجل: هي في تنقص أوامره في سر.
وقوله: (وتخونوا أماناتكم).
قال الطبري: يحتمل أن يكون داخلا في النهي، كأنه قال: لا تخونوا الله والرسول، ولا تخونوا أماناتكم، ويحتمل أن يكون المعنى: لا تخونوا الله والرسول، فذلك خيانة لأماناتكم، وقوله: (فتنة)، يريد: محنة واختبارا وامتحانا، ليرى كيف العمل في جميع ذلك.
وقوله: (وأن الله عنده أجر عظيم)، يريد: فوز الآخرة، فلا تدعوا حظكم منه، للحيطة على أموالكم وأبنائكم، فإن المذخور للآخرة أعظم أجرا.
قوله سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله...) الآية: وعد للمؤمنين بشرط
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة