تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ١٢٨
طالب: " التف في بردى الحضرمي، واضطجع في مضجعي، فإنه لا يضرك شئ، ففعل "، فجاء فتيان قريش، فجعلوا يرصدون الشخص، وينتظرون قيامه، فيثورون به، فلما قام رأوا عليا، فقالوا له: أين صاحبك؟ فقال: لا أدري، وفي " السير "، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهم، وهم في طريقه، فطمس الله أعينهم عنه، وجعل على رأس كل واحد منهم ترابا، ومضى لوجهه، فجاءهم رجل، فقال: ما تنتظرون؟ قالوا: محمدا، قال: إني رأيته الآن جائيا من ناحيتكم، وهو لا محالة، وضع التراب على رؤوسكم، فمد كل واحد يده إلى رأسه، فإذا عليه التراب، وجاؤوا إلى مضجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدوا عليا، فركبوا وراءه حينئذ كل صعب وذلول، وهو بالغار، ومعنى: (ليثبتوك): ليسجنوك، قاله عطاء وغيره وقال ابن عباس وغيره: ليوثقوك.
وقوله سبحانه: (وإذا تتلى عليهم آياتنا)، يعني: القرآن، (قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا) وقولهم: (إن هذا إلا أساطير الأولين)، أي: قصصهم المكتوبة المسطورة، وأساطير: جمع " أسطورة "، ويحتمل جمع: " أسطار "، وتواترت الروايات عن ابن جريج وغيره: أن قائل هذه المقالة هو النضر بن الحارث، وذلك أنه كان كثير السفر إلى فارس والحيرة، فكان قد سمع من قصص الرهبان وأخبار رستم وإسفنديار، فلما سمع القرآن، ورأى فيه أخبار الأنبياء والأمم، قال: لو شئت لقلت مثل هذا، وكان النضر من مردة قريش النائلين من النبي صلى الله عليه وسلم، ونزلت فيه آيات كثيرة من كتاب الله عز وجل، وأمكن الله منه يوم بدر، وقتله رسول الله صلى الله عليه وسلم صبرا بالصفراء منصرفه من بدر في موضع يقال له " الأثيل "، وكان أسره المقداد، فلما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرب عنقه، قال المقداد:
أسيري، يا رسول الله! فقال / رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنه كان يقول في كتاب الله ما قد علمتم "، ثم أعاد الأمر بقتله، فأعاد المقداد مقالته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم، أغن المقداد من فضلك "، فقال المقداد: هذا الذي أردت، فضربت عنق النضر.
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة