تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٣٤
أقول: وقد ورد هذا المعنى في كثير من روايات أئمة أهل البيت عليهم السلام.
وفي الدر المنثور أخرج ابن المنذر وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال: لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم اقترب من ربه فكان قاب قوسين أو أدنى. قال: ألم تر إلى القوس ما أقربها من الوتر؟
وفيه أخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: " ثم دنا فتدلى " قال: هو محمد صلى الله عليه وآله وسلم دنا فتدلى إلى ربه عز وجل.
وفي المجمع وروي مرفوعا عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: " فكان قاب قوسين أو أدنى " قال: قدر ذراعين أو أدنى من ذراعين.
وفي تفسير القمي في قوله تعالى: " فأوحى إلى عبده ما أوحى " قال: وحي مشافهة.
وفي التوحيد بإسناده إلى محمد بن الفضيل قال: سألت أبا الحسن عليه السلام هل رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ربه عز وجل؟ فقال: نعم بقلبه رآه، أما سمعت الله عز وجل يقول:
" ما كذب الفؤاد ما رأى "؟ لم يره بالبصر ولكن رآه بالفؤاد.
وفي الدر المنثور أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قالوا: يا رسول الله هل رأيت ربك؟ قال:
لم أره بعيني ورأيته بفؤادي مرتين ثم تلا " ثم دنا فتدلى ".
أقول: وروى هذا المعنى النسائي عن أبي ذر - على ما في الدر المنثور - ولفظه رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ربه بقلبه ولم يره ببصره.
وعن صحيح مسلم والترمذي وابن مردويه عن أبي ذر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم:
هل رأيت ربك؟ فقال: نوراني أراه.
أقول: " نوراني " منسوب إلى النور على خلاف القياس كجسماني في النسبة إلى جسم، وقرئ " نور إني أراه " بتنوين الراء وكسر الهمزة وتشديد النون ثم ياء المتكلم، والظاهر أنه تصحيف وإن أيد برواية أخرى عن مسلم في صحيحه وابن مردويه عن أبي ذر أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: هل رأيت ربك؟ فقال: رأيت نورا.
وكيف كان فالمراد بالرؤية رؤية القلب فلا الرؤية رؤية حسية ولا النور نور حسي.
وفي الكافي بإسناده عن صفوان بن يحيى قال: سألني أبو قرة المحدث أن أدخله إلى
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»
الفهرست